للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كلٍ فهو مرض يجدر أن تبحث آثاره الاجتماعية، وكذلك الشرعية والقانونية وما ينتج عنه من مسؤوليات جنائية أو مدنية أو شرعية، وستكون دراستنا هنا الإيدز وأحكام الأسرة نتناول فيها موضوعات عديدة وهي كالآتي:

١- مدى جواز إلزام الزوجين بالفحص الطبي قبل الزواج.

٢- وجوب إعلام الزوج المصاب زوجته بمرضه.

٣- هل للولي أن يمنع عقد زواج موليته من مصاب الإيدز؟

٤- طلب الزوج السليم الفرقة إذا أصيب الآخر بالإيدز.

٥- هل أسباب الفرقة للعيوب محصورة فيما ذكره الفقهاء من عيوب أم تتعدى لغيرها لذات العلة؟

٦- تواجد فيروس الإيدز في لبن المرضع.

٧- مدى جواز حضانة المصابة بالإيدز للطفل السليم.

أولًا: مدى جواز إلزام الزوجين بالفحص الطبي قبل الزواج

إن الله سبحانه وتعالى قد مَيَّزَ الإنسان عن غيره من المخلوقات بميزات كثيرة أهمها العقل المفكر الذي هو مناط الأحكام، إذ غير العاقل في الأصل لا يؤاخذ على تصرفاته، لذلك يجب إعمال العقل في تحقيق مصلحة الإنسان، والمصلحة تستوجب أن يكون هو إلزام الشارعين في الزواج بإجراء الفحص الطبي للتأكد من الخلو من الأمراض الخطيرة والخبيثة، والفحص هنا لن يتوقف على مرض الإيدز بل سيشمل أمراضًا كثيرة لا بد من التأكد منها خاصة أنها أصبحت ظاهرة، مثل الإنيميا المنغلية والتي إذا تواجدت في الزوجين جاء الأبناء ضعافًا مرضى، مهددين بالموت أو العيش غير أصحاء، ونرى أن كثيرًا من الأمراض التي قيل عنها إنها انقرضت قد صحت مرة أخرى، فما دام العلم يستطيع أن يكشف لنا ذلك على وجه الدقة في كثير من الأحيان فلا موازنة في أعمال الكشف الطبي قبل عقد الزواج (١) .

والكشف الطبي للتأكد من خلو الزوجين من الموانع المرضية يقع تحت قاعدة: (لا ضرر ولا ضرار) . . . . (٢) .


(١) انظر كتاب الدكتور عبد الرحمن الصابوني في أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية وما عليه العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة – مكتبة الفلاح ص ٢٧٢ – ٢٧٣. وقد أوضح بأن قانون الأحوال الشخصية السوري وضع شروطًا تسبق العقد (وسميت الشروط القانونية لعقد الزواج) ومنها شهادة من طبيب يختاره الطرفان بخلوهما من الأمراض السارية ومن الموانع الصحية للزواج. وللقاضي التثبت من ذلك بمعرفة طبيب يختاره، ويقول الأستاذ الصابوني: إن تقريرًا من طبيب لا يؤخر زواجًا ولكنه يعطي صوره واضحة لكل من راغبي الزواج عن شريك حياته المقبل، والشريعة الإسلامية تتقبل كل ما هو نافع ومفيد للفرد والأسرة في هذا المضمار ولو لم ينص عليه الفقهاء.
(٢) وهو بلفظ حديث أخرجه أحمد في مسنده وابن ماجة عن ابن عباس وأخرجه ابن ماجة أيضًا عن عبادة، وأخرجه ابن أبي شيبة والحاكم والدارقطني. وحسنه عدد من العلماء وقال العلائي: للحديث شواهد تنتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به، نقلًا عن شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ص ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>