للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سيق ذلك بأسلوب نفي الجنس ليكون أبلغ في النهي (١) .

وكذلك على أساس قاعدة (دفع الضرر المتوقع مستقبلًا) وهو الضرر الذي لم يقع بعد، ولكن ظروف الحال تنبئ بوقوعه، فإذا كان الضرر سيقع لا محالة فإن دفعه يكون حقًا (٢) .

وكذلك قاعدة (الضرر يزال) . . . . أي يجب إزالته باعتبار أن الأخبار في كلام الفقهاء للوجوب (٣) .

وإذا ظن البعض أن هذا الأمر فيه تكلف ومشقة على الراغبين في الزواج، فإن التأكد من السلامة أمر أكثر أهمية حتى لا يقع ما يندم عليه، وكل ذلك يخضع تحت قاعدة الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ويقال: إذا تعارض مفسدتان روعي عظمهما بارتكاب أخفهما (٤) .

وهذا الأمر إذا كان لم ينص عليه الشرع أو لم يذكره الفقهاء السابقون إلا أنه بتحقيقه المصلحة العامة للمجتمع يقع تحت مضمون القاعدة التي تقول: التصرف على الرغبة منوط بالمصلحة (مادة ٥٨ من مجلة الأحكام العدلية) .

ونضيف في ختام هذه المسألة ما جاء في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة تحت مسائل في الفقه كالآتي: حكم الشرط القاضي بتحليل دم الزوج للتأكد من سلامته من مرض نقص المناعة.

ومفاد هذه المسألة أن شابًا تقدم إلى أب يطلب يد ابنته للزاج، فسأل هذا أن يحضر شهادة عن تحليل دمه موثقة من مستشفى أو مختبر معترف بهما تثبت أنه سليم من مرض نقص المناعة، فاعترض الشاب على ذلك بحجة عدم لزوم هذا الشرط من الناحية الشرعية – فما هو الحكم في ذلك؟.

الجواب على ذلك جواز هذا الشرط.

فمن حيث العموم يحق للعاقد عند عقده اشتراط ما يراه في مصلحته أو مصلحة من ينوب عنه، على ألا يكون في هذا الشرط ما ينافي الأحكام الشرعية استدلالًا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا)) . . . . (٥) .


(١) وهو بلفظ حديث أخرجه أحمد في مسنده وابن ماجة عن ابن عباس وأخرجه ابن ماجة أيضًا عن عبادة، وأخرجه ابن أبي شيبة والحاكم والدارقطني. وحسنه عدد من العلماء وقال العلائي: للحديث شواهد تنتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به، نقلًا عن شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ص١١٣.
(٢) د. محمد شتا أبو سعد، لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ص ٦
(٣) نقلًا عن أحمد الزرقا، د. محمد شتا أبو سعد، لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ص ١٢٥
(٤) نقلًا عن أحمد الزرقا، د. محمد شتا أبو سعد، لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ص ١٤٧
(٥) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج ٤، ص٢٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>