للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن بيانات بعض التفاسير تظهر أن الزنا نوع من القتل المعنوي للمرأة، إذ تفقد كرامتها ومكانتها في المجتمع. ولكنني لا أعتقد أن هذا يعد سببًا وجيهًا أو كافيًا وأعتقد كذلك أن أسلوب النهي الخاص بمشكلة الزنا، أبلغ تحذيرًا. علمًا أن هذا النسق من النواهي – ضمن ما يسمى في الديانات السابقة: الوصايا العشر – قد ورد مرة أخرى في سورة الأنعام: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: ١٥١] .

هذا ما أجبت به طلاب كلية الطب في جامعة حلب يوم تجمع بعضهم حولي وسألوني عن موقف القرآن الكريم من هذا الوباء الجديد (الإيدز) ....

وهكذا يصور لنا النسق القرآني المعجز في السورتين جريمة الزنا – وبالمنطق الهندسي للأخلاق – محور الدائرة القتل التي نهانا الفكر الديني عن اقترافها.

ومن أجل ذلك يتحدث النبي العظيم صلوات الله عليه وعلى آله، وهو الشارح الأول لكتاب الله فيما يرويه ابن عمر قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا معشر المهاجرين – خمس خصال إذا ابتليتم بهن – وأعوذ بالله أن تدركوهن:

* لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا (في رواية الطبراني: (( ((إلا فشا فيهم الموت)) )) .

* ولم ينقصوا الميزان والمكيال إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم.

* ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا.

* ولم ينقضوا عهد الله ورسوله إلا سلط الله عليهم عدوًا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم.

* وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيروا فيما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم)) – رواه ابن ماجة، واللفظ له، كما في الترغيب للمنذري (١) .


(١) الترغيب والترهيب ٢ / ٥٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>