للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحياة الزوجية أهداف أساسية يطلب التشريع الإسلامي توافرها، ولاستقرار النفس البشرية في ظل أسرة متنامية متكاملة: من أهمها سلامة الزوجين من العيوب والأمراض التي تحول دون استقرار النفس في سكنها الروحي والاجتماعي، وسلامة حياة الأطفال من عدوى الوالدين، لكن هذه المسائل الشائكة ستتدخل حتمًا فيها المسألة الإنسانية (التضيحة) الشخصية بالمسائل المتصلة بالحق العام، صونًا للمجتمع كله من الخطر.

فإذا كانت (التضيحة) الشخصية لأحد الزوجين في تحمل زوجه والصبر على شدته مندوبة ومن أشهر الفضائل الإنسانية، فإنها لا بد أن تكون مقيدة بشرط أمن العاقبة أما أن يعرض المرء نفسه للهلكة، أو خطر الموت برضاه – كحالة الإصابة بمرض الإيدز – فإن ذلك لا يجوز شرعًا لما يأتي:

ورد في البخاري وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وفر من المجذوم فرارك من الأسد)) . . . . .

وورد في صحيح مسلم (٢٢٣١) عن عمرو عن أبيه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: ((ارجع فقد بايعناك)) .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يوردن ممرض على مصح)) .

وهناك القاعدة الكلية المشهورة الواردة في نص الحديث المروي عن ابن عباس – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار (١) .

وفي صحيح مسلم ٢٢١٨ عن أسامة بن زيد رضي الله عنه. قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه)) .

وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم تزوج فلما رأى بكشحها بياضًا – وهو علامة على إصابتها بالبرص – لم يدخل بها وفارقها.

بعد هذا لا يصح الاغترار بشعار التضحية الإنسانية، مقابل الوقوع في الانتحار البطيء من جراء العدوى بالإيدز.


(١) رواه الإمام أحمد ١ / ٣١٣ وابن ماجة

<<  <  ج: ص:  >  >>