للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطلق الشافعية والحنابلة القول بجواز التفريق بالعيب الحادث بعد الزواج، كالعيب القائم قبله لحصول الضرر به، وكالعيب المقارن للعقد، ولأنه لا خلاص للمرأة إلا بطلب التفريق بخلاف الرجل الذي يمكنه الخلاص بالطلاق.

لكن الشافعية استثنوا طروء العنة بعد الدخول بالزوجة ولو مرة واحدة، فإنهم لا يجيزون لها طلب الفسخ لحصول مقصود النكاح بمرة واحدة.

فإذا كانت هذه أقوالهم في العيب الحادث بعد العقد فلأن يقولوا بسقوط الحق بعد الرضا بالعيب أولى.

والذي يبدو لنا ما قدمناه في هذه المسألة من أقوال وآراء للعلماء تتعلق بسقوط حق الطرف المتضرر بالعيب بعد رضاه به، سواء أكان ذلك العيب حاصلًا قبل العقد أم حادثًا بعد العقد ومضي الحياة الزوجية مقبول في الجملة في العيوب التي ذكروها.

ولكننا أمام هذا البلاء الخطير المسمى بالإيدز: نرى أن حق الطرف المتضرر باستمرار العقد مع الضرر لا يسقط بحال حتى ولو رضي به، لأن قاعدة (الساقط لا يعود) قد تطبق في كل عيب ولا يكون في تطبيقها أي ضرر عام، أم هنا فإن ضرر المرض العام والخاص يقضي بقبول طلب لفسخ حتى من الذين رضوا بالعيب أو لا؛ كأية قضية من قضايا النظام العام الذي لا يجوز التراضي على خلافه، لأنا نرى أن الاستمرار في مثل هذه الأحوال في الحياة الزوجية كمحاولة الانتحار – قياسًا – كما سبق بيانه.

هذا ويبقى أمام النظر الفقهي جملة من الأسئلة تتعلق بما ذكره المجمع الموقر في الدورة الثامنة – نرجو أن يشبعها الفقهاء والأطباء بحثًا، لنبرز للعالم رحمة الإسلام بالبشرية عامة، حيث يقدم لها الحلول مجانًا كما أشرت إلى ذلك – وقانا الله جميعًا من السوء –والسلام عليكم.

الشيخ أحمد موسى الموسى

<<  <  ج: ص:  >  >>