للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رأى جماعة من السلف والمالكية أن الإمام مخير في قاطع الطريق بين هذه العقوبات (١) .

ويرى الأحناف أن الآية على التخيير في من قتل وأخذ المال فقط، فالإمام مخير فيه بين قطع اليد والرجل ثم القتل أو قطعهما والصلب أو الصلب فقط (٢) .

ورأي فريق ثالث أنها على التنويع (٣) لتفاوت الجنايات، والعقل يقتضي أن يكون الجزاء مناسبًا للجناية ويشهد لهذا الرأي ما روي عن أنس رضي الله عنه، من ((أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه السلام عن القصاص فيمن حارب، فقال: من سرق مالًا وأخاف السبيل فاقطع يده لسرقته ورجله بإخافته، ومن قتل فاقتله، ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج والحرام فأصلبه)) (٤) .

ومما يؤكد اعتباره كالمحارب ما قاله الإمام مالك (٥) . من أن المتستر في ذلك والمعلن بحرابته سواء، والمحتال كالمحارب، وهو الذي يحتال في قتل أو أخذ مال أو هتك عرض وإن لم يشهر السلاح، وقد يكون من المناسب له أن يقتل ويصلب ليتحقق الزجر والردع.

وإن كان قصده إعداء شخص بعينه، وكانت طريقة الإعداء تصيب بهذا المرض غالبًا، وانتقلت العدوى وأدت إلى قتل المنقول إليه يعاقب بالقتل قصاصًا.

وإن تمت العدوى ولم يمت المنقول إليه، عوقب المتعمد بعقوبة تعزيزية مناسبة، وعند حدوث الوفاة يكون من حق الورثة الدية.

وأما إذا كان قصده (من تعمد نقل العدوى) إعداء شخص بعينه ولكن لم تنتقل إليه العدوى، فإنه يعاقب عقوبة تعزيرية.

وإذا تم نقل العدوى عن طريق الخطأ أو لقلة الاحتياط ومات المنقول إليه فإن ذلك قتل خطأ يستوجب الدية، وإن لم يمت المنقول إليه يعزر المتسبب في العدوى تعزيرًا مناسبًا.


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٦ / ١٥٢
(٢) أحكام القرآن للجصاص ٤١٨؛ والصلب لا يكون إلا مع القتل.
(٣) الأم للإمام الشافعي: ٦ / ١٣٩.
(٤) تفسير الطبري: ٦ / ٢١٦؛ وتفسير ابن كثير:٢ / ٥١
(٥) أحكام القرآن لابن العربي: ٢ / ٥٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>