للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رعاية المعاشرة الزوجية:

وقد رعى الإسلام المعاشرة الزوجية في أخص خصوصياتها وهو الجماع، حيث بيَّن القرآن الكريم وقته وهو طهر الزوجة من الحيض والنفاس في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢] .

وبيَّن – كذلك – موضعه، وهو مكان الإنجاب، في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] . وقوله: {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢] أي في الموضع الذي أمركم الله باجتنابه وقت نزول الدم وهو الفرج.

ولعل حكمه الله في نهيه الرجل عن إتيان زوجته وهي حائض أو نفساء، وعن إتيانها في الدبر تتجلى الآن في ضوء ما عرف من أثر الدم الطمث واللواط في انتشار عدوى الإيدز.

كما اعتبر الشرع إحصان الزوج لزوجته عبادة يتقرب بها إلى ربه، حيث جاء في الحديث ((وفي بُضْع أحدكم صدقة)) قالوا يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ فقال: ((أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر؟)) قالوا: نعم. قال ((فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له الأجر)) (١) .

وهذا حق للزوجة لا يجوز أن يشغل عنه المرء بكثرة الصيام والقيام، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص: ((يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل)) . . . . فقلت: بلى يا رسول الله، قال: ((فلا تفعل، صم وافطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًا، وإن لعينك عليك حقًا وإن لزوجك عليك حقًا)) . . . . (٢) .

حكم زواج حاملي فيروس الإيدز:

إذا كان الزواج أعظم وسيلة للوقاية من انتشار العدوى بمرض الإيدز فيجب ألا يكون سببًا في نقله وانتشاره.

ولا يجوز أبدًا لمن يعلم أنه مصاب بمرض الإيدز أن يقدم على الزواج من إنسان سليم بدون إعلامه بذلك لأن في ذلك إضرارًا به وقد نهانا صلى الله عليه وسلم عن إضرار الآخرين حيث يقول: ((لا ضرر ولا ضرار)) . . . . (٣) . ولأن في إخفاء ذلك تدليسًا وغشًا، وقد نفر صلى الله عليه وسلم من الغش لأنه يخرج عن حوزة الإسلام ففي الحديث الشريف: ((من غش فليس مني)) (٤) .

وإذا أخفى المريض بالإيدز على زوجه ذلك وتم الزواج وانتقلت العدوى فهو متعمد العدوى.


(١) مسند الإمام أحمد: ٥ / ١٦٧
(٢) رواه الشيخان، ورقم الحديث باللؤلؤ والمرجان: ٧١٥
(٣) أخرجه أحمد وابن ماجة عن ابن عباس
(٤) صحيح مسلم – بيوع – ورقم الحديث بالمختصر ٩٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>