فأي مانع يمنعنا في هذا الزمان الذي كثر فيه الغش، وفقدت الأمانة، وظهرت شهادة الزور في كل مكان، من أن نشترط شروطًا من شأنها أن تحفظ سلامة الشهادة التي يصوم بها مليار من المسلمين في جميع بقاع الأرض، ويحتفلون بموجبها بأعيادهم ومواسمهم.
إذا اكتفى الرسول صلى الله عليه وسلم في زمن البعثة بتزكية الشاهد بالنطق بالشهادتين على يديه ثم اشترطت العدالة وقال مالك: لا بد من شاهدين عدلين، فإن مثل هذه التزكية لا تكفي في هذا الزمان الذي كثر فيه من ينطق بالشهادتين ثم يخون ويغدر ويسرق.
إن التمسك بمذهب أبي حنيفة وحده في هذه المسألة ربما لا يكفي في هذا الزمان، بل لا مانع من تنظيم كيفية إثبات الرؤية بطريقة تضمن بها صحة هذه الشهادة، ولماذا لا تتعدد هيئات الرؤية في جهات متعددة من العالم الإسلامي، وحتى في القطر الواحد؟
ولماذا لا ننتخب أفراد الهيئات التي يعهد إليها أمر الرؤية ما دام احتمال الكذب، واحتمال خداع النظر، واحتمال قلة المعرفة بأمكنة طلوع الهلال قائمًا.
اعتقادي أننا لا نخرج بهذه القيود الجديدة عن أصول الأحكام التي تمثل الوسائل، والتي تتبدل بتبدل الأزمان والأحوال، والأمثلة في ذلك كثيرة في الفقه الإسلامي.
١- فقد أمر الخليفة عثمان بن عفان ببيع الإبل الملتقطة بعد أن كان حكمها أن تترك لحالها حتى يلقاها ربها، كما جاء في السنة، وعلل ذلك بأن المجتمع على وشك الفساد، فخاف منه على سرقة هذه الإبل.