للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه قول الإمام أبي حنيفة أن قطع الثلاثة من العروق الأربعة يقوم مقام الكل، على أن للأكثر حكم الكل فيما بني على التوسعة في أصول الشرع، والذكاة بنيت على التوسعة، حيث يكتفي فيها بالبعض بلا خلاف بين الفقهاء، وإنما اختلفوا في الكيفية، فيقام الأكثر فيها مقام الجميع (١)

آلة الذبح:

واتفق الفقهاء على أنه يجب للذكاة الشرعية أن تكون آلة الذبح محددة, تقطع أو تخرق بحدها لا بثقلها، ولا يجب أن تكون سكينا، بل يجوز الذبح بكل ما له حد، سواء كان من الحديد أم من الحجر أم الخشب. والدليل على ذلك ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه: ((قلت: يا رسول الله! إنا ملاقو العدو غدًا وليس معنا مدى، أفنذبح بالقصب؟ قال: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه، ليس السن والظفر)) (٢)

وقد مر حديث عدي بن حاتم، رضي الله عنه، حيث سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبح بالمروة وشقة العصا، فقال: ((أمرر الدم بما شئت)) . ولكن الأحاديث كلها متفقة على أنه يجب إنهار الدم بما يقطع ويخرق. ووجوب كون الآلة محددة كلمة إجماع فيما بين الفقهاء المتبوعين، غير أنهم اختلفوا في السن والظفر، فذهب الأئمة الحجازيون إلى عدم جواز الذبح بهما، سواء كانا متصلين بالجسم أو منفصلين، وذلك لعموم حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه- الذي مر آنفا، وقد استثنى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم السن والظفر. أما أبو حنيفة، رحمه الله: فحمل الحديث على السن والظفر إذا كانا قائمين في الجسم، لأن الموت حينئذ يحصل بالخنق. أما إذا كانا مقلوعين، فتحصل منهما الذكاة مع الكراهة (٣)


(١) بدائع الصنائع: ٥/ ٤٢
(٢) أخرجه الجماعة، راجع جامع الأصول، لابن الأثير: ٤/ ٤٨٩
(٣) راجع رد المحتار: ٥/ ٢٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>