للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إزهاق الروح بغير قطع الأوداج:

أما إزهاق الروح بغير فري الأوداج، فلا تحصل به الذكاة الشرعية في الحيوان المقدور عليه، واتفق على ذلك الفقهاء. وقال الله سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣) } [المائدة: ٣] .

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "والمنخنقة، وهي التي تموت بالخنق، إما قصدا، وإما اتفاقا، بأن تتخبل في وثاقتها فتموت به، فهي حرام. وأما الموقوذة، فهي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدد حتى تموت، كما قال ابن عباس وغير واحد: هي التي تضرب بالخشبة حتى يوقذها فتموت. قال قتادة: كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصي، حتى إذا ماتت أكلوها. وفي الصحيح أن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله! إني أرمي بالمعراض (١) الصيد، فأصيب، قال: ((إذا رميت بالمعراض فخزق (٢) فكله، وإن أصاب بعرضه فإنما هو وقيذ، فلا تأكله)) (٣) ففرق بين ما أصابه بالسهم أو بالمزراق ونحوه بحده فأحله، وما أصاب بعرضه فجعله وقيذا لم يحله، وهذا مجمع عليه عند الفقهاء ... وأما المتردية فهي التي تقع من شاهق أو موضع عال فتموت بذلك فلا تحل. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: المتردية: التي تسقط من جبل.


(١) المعراض- بكسر الميم- سهم يرمى به بلا ريش، ولا نصل، يمضي عرضا فيصيب بعرض العود، لا بحده. لسان العرب لابن منظور: ٩/ ٤٢؛ وجاء في تاج العروس: ٥/ ٥٠، هو من العيدان دقيق الطرفين غليظ الوسط، كهيئة العود الذي يحلج به القطن، فإذا رمى به الرامي ذهب مستويا، ويصيب بعرضه دون حده ... وإن قرب منه الصيد أصابه بموضع النصل منه فجرحه، ومنه حديث عدي بن حاتم.
(٢) الخزق: الطعن، وخزق السهم: إذا أصاب الرمية ونفذ فيها وأسال الدم، راجع اللسان وتاج العروس.
(٣) هذا الحديث أخرجه الجماعة في أبواب مختلفة من طرق شتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>