للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وأما ما حكاه ابن قدامة عن داود أنه لا يبيح نحر ما يذبح ولا العكس؛ فإن ابن حزم ذكر عن بعض أصحابه موافقة رأي الجمهور في الجواز، ولم يشر إلى داود إلا أنه أطال في رد قول مالك منتصرا لرأي المجيزين حتى ادعى أنه لا سلف لمالك في المنع (١) والخلاف في هذه المسألة جاء في كتب مذهبنا الإباضي، ففي النيل: "وهل يؤكل إن نحر ما يذبح كعكسه - وهو المختار- أو لا؟ قولان، قال شارحه: ثالثهما الإبل تنحر فإن ذبحت لم تؤكل، والبقر والغنم تذبح، فإن نحرت لم تؤكل، ورابعها جواز أكل الإبل إن ذبحت دون غيرها إن نحر، وكره بعضهم نحر الشاة قائمة بلا تحريمها" (٢)

ومع النظر يتبين أن القول الثالث هو عين القول الثاني، ويشكل ذكره فيه البقر مع الغنم أنها لا تؤكل إن نحرت، مع الاتفاق على جواز النحر في البقر، وإن رجح الأكثر فيها الذبح.

ثم قال مصنف النيل: "وجاز الكل للضرورة إجماعا، قال الشارح: وفي هذا دليل على جواز ذلك أيضا، في غير الضرورة، وأنه لا تحرم به الدابة، ولو كان لا يجوز في غير الضرورة وأنه في غير الضرورة لا تحل به الدابة لم يجز في الضرورة إلا إن اضطر إلى ميتة، ولما حلت بذلك بدون أن يضطر إلى ميتة علم أن ذكر النحر في الإبل إنما هو على سبيل الترجيح، لأنه أسرع في موتها لا على سبيل الوجوب، ولما كانت البقر بين الإبل والغنم ورد فيها الذبح والنحر على حد سواء، ولما سهل أمر الشاة ورد ذبحها ولم يمتنع نحرها" (٣)


(١) المحلى:٤٤٥/٧-٤٤٦
(٢) شرح النيل: ٤/ ٤٣٢
(٣) شرح النيل: ٤/ ٤٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>