للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- هل يجزئ الذبح فيما ينحر والنحر فيما يذبح؟

هذا مما اختلف فيه أهل العلم، فأكثرهم جوزوه وعزاه ابن قدامة في المغني إلى عطاء والزهري وقتادة ومالك والليث والثوري وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق وأبي ثور. وإنما حكي عن داود الظاهري أن الإبل لا تباح إلا بالنحر، ولا يباح غيرها إلا بالذبح (١) وهو كما ترى يعزو إلى مالك رأي الجمهور القائلين بالجواز، مع أن المشهور من مذهبه خلاف ذلك كما نص عليه في المدونة، إذ جاء فيها: "قلت: هل ينحر ما يذبح، أو يذبح ما ينحر في قول مالك؟ قال مالك: لا ينحر ما يذبح، ولا يذبح ما ينحر، قلت: قال ابن القاسم: فالبقر إن نحرت أترى أن تؤكل؟ قال: نعم هي خلاف الإبل إذا ذبحت، قال: قال مالك: قال: والذبح فيها أحب إلي، لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} ، قال: فالذبح أحب إلي، فإن نحرت أكلت، قال: والبعير إذا ذبح لا يؤكل إذا كان من غير ضرورة، لأن سنته النحر، قلت: وكذلك الغنم إن نحرت لم تؤكل في قول مالك؟ قال: نعم إذا كان ذلك من غير ضرورة، قلت: وكذلك الطير ما نحر منه لم يؤكل في قوله؟ قال: لم أسأله عن الطير، وكذلك هو عندي لا يؤكل ". (٢)

وما في المدونة هو الذي نصت عليه كتب المالكية كالذخيرة وبداية المجتهد (٣) وهو يتنافى مع هذا الذي نقله عنه ابن قدامة، إلا أنه قال من بعد: "وحكي عن مالك أنه لا يجزئ في الإبل إلا النحر، لأن أعناقها طويلة فإذا ذبح تعذب بخروج روحه، قال ابن المنذور: إنما كرهه ولم يحرمه " (٤) وحمل المنع على الكراهة دودن التحريم بعيد؛ لما ذكرناه من كلامه في المدونة، وإنما هو قول حكاه ابن رشد عن أشهب من أصحابه (٥) وحكي عن ابن بكير أنه فرق بين الغنم والإبل، فقال: يؤكل البعير بالذبح، ولا تؤكل الشاة بالنحر (٦)


(١) المغنى: ١١/ ٤٧
(٢) المدونة الكبرى: ١/ ٤٢٧، ٤٢٨
(٣) انظر الذخيرة: ٤/ ١٣٢؛ وبداية المجتهد: ١/ ٤٤٤
(٤) المغني: ٤٧/١١
(٥) بداية المجتهد: ١/ ٤٤٤
(٦) بداية المجتهد: ١/ ٤٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>