للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذبائح التي تحل بالذكاة:

قبل البدء في الكلام عن الذكاة الشرعية وشروطها عند الفقهاء، أود أن نبين أن الحيوان الذي نعنيه بالبحث هنا، هو الحيوان مأكول اللحم، أي غير محرم- نص الشارع على تحريمه- قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} الآية [المائدة: ٣]

وما عدا هذا فما استطابته العرب فهو حلال لقول الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الأعراف: ١٥٧] ، يعني ما يستطيبونه دون الحلال، بدليل قوله في الآية الأخرى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤] ولو أراد الحلال لم يكن ذلك جوابا لهم (١) , وما استخبثته العرب فهو محرم لقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [الأعراف: ١٥٧] والعرب الذين تعتبر استطابتهم للحيوان واستخباثهم هم أهل الحجاز من أهل الأمصار، لأنهم المخاطبون بالكتاب وبالسنة النبوية، فيعتبر عرفهم في تفسير المطلق من ألفاظهما دون غيرهم. ولا عبرة بعرف أهل البادية، لأنهم يأكلون ما يجدونه في حالة المجاعة والاضطرار.

وما وجد في ديار المسلمين مما لا عهد لأهل الحجاز به، رد إلى أقرب ما يشبهه في الحجاز، فإن لم يشبه شيئا منها فهو مباح لقول الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٤٥] الآية، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وما سكت الله عنه فهو مما عفا عنه)) (٢) .


(١) المغني، لابن قدامة المقدسي: ٨/ ٥٨٥، الناشر مكتبة الكليات الأزهرية
(٢) المغني، لابن قدامة المقدسي: ٨/ ٥٨٥، الناشر مكتبة الكليات الأزهرية

<<  <  ج: ص:  >  >>