للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم ذبيحة الكتابي المحرم عليه ذبحها:

يعتقد اليهود تحريم كل ما ليس بمشقوق الأصابع كالإبل والنعام والبط، وكذلك يعتقدون تحريم الشحوم من كل دابة بها شحم، إلا أن غير الشحم حلال في غير ما ليس بمشقوق الأصابع، قال الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أو الْحَوَايَا أو مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: ١٤٦]

وهذه الأشياء حلال، لأن الله حرمها عليهم بسبب بغيهم وظلمهم.

ولكن إذا ذبحوها- وهي محرمة عليهم لا علينا- فهل يحل لنا أكلها؟

اختلف الفقهاء في ذلك على رأيين:

ا- ذهب الشافعية إلى حل ذبائح أهل الكتاب، سواء اعتقدوا إباحته كالبقر والغنم أم تحريمه كالإبل (١) , والظاهر أن هذا هو رأي الحنفية أيضا، بناء على ما قالوه بحل ذبائح أهل الكتاب ممن تحل لنا مطلقا, وظاهر كلام أحمد إباحة ذلك أيضا، فقد ذكر الخرقي أن أحمد حكى مذهب مالك في اليهودي الذي يذبح الشاة، أنه لا يؤكل من شحمها لاعتقاد اليهودي حرمة ذلك، فقال أحمد عن قول مالك: "هذا مذهب دقيق " , وعقب ابن قدامة على هذا بقوله: "وظاهر هذا أنه- أحمد- لم يره صحيحا". وهذا هو اختيار ابن حامد وأبي الخطاب من فقهاء الحنابلة.

وكذا نص الحنابلة على حل ذبيحة ما زعم الذمي أنها محرمة عليه، ولم يثبت تحريمها في شريعته، فقوله غير مقبول في هذه الحالة (٢)


(١) انظر مغني المحتاج: ٤/ ٢٦٦
(٢) انظر المغني: ٨/ ٥٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>