قال الإمام النووي يجب صوم رمضان بأحد أمرين: الأول: إكمال شعبان ثلاثين يومًا، والثاني رؤية الهلال ليلة الثلاثين منه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) والراجح أنه يكتفى بعدل واحد في ثبوت هلال رمضان احتياطًا للعبادة، وكذلك يثبت الهلال بشهادة عدل لكل لشهر اشتمل على عبادة كشوال والأضحى بالنظر إلى العبادة فقط، ولا تثبت الرؤية لأي شهر بشهادة العدل بالنسبة لغير العبادة كحلول دين مؤجل وطلاق وعتق علقا به.
والراجح عندهم على القول بالاكتفاء بعدل واحد أنه بطريق الشهادة لا الرواية، فلا يقبل فيها قول العبد والأنثى، ويشترط فيها لفظ أشهد، وهي شهادة حسبة لا تفتقر إلى الدعوى، ولكن لا بد في وجوب الصوم على العموم من ثبوتها عند قاض ينفذ حكمه.
مذهب المالكية:
يثبت رمضان أي يتحقق في الخارج سواء حكم بثبوته حاكم أم لا بأحد أمور ثلاثة:
الأول: إتمام شعبان ثلاثين يومًا، وكذا ما قبل رجب أن غم، أي يجب إكمال كل شهر ثلاثين يومًا إذا كانت ليلة الثلاثين متغيمة في كل شهر، وأما إذا كانت السماء مصحية فلا يتوقف ثبوت الهلال على كماله ثلاثين يومًا بل تارة يثبت بذلك إن لم يره الهلال، وتارة يثبت برية الهلال ليلة الثلاثي، فيكون شهر شعبان وغيره تسعة وعشرين يومًا، لا بحسب منجم ومسير قمر على المشهور لأن الشارع أناط الحكم الذي هو ثبوت الشهر بالرؤية أو بإكمال الثلاثين فقال صلى الله عليه وسلم:((الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له)) وفي رواية ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا)) وهي مفسرة لما قبلها.
الثاني: رؤية عدلين الهلال، والمراد بهما ما قابل الجماعة المستفيضة فيصدق بالأكثر من العدلين، فكل من أخبره عدلان برؤية الهلال أو سمعهما يخبران غيره وجب عليه الصوم، لا بعدل ولا به وبامرأة، ولا به وامرأتين على المشهور في الكل، خلافًا لابن الماجشون في اشتراط العدلين فإنه قال: "يكفي عدل واحد وخلافًا لأشهب حيث قال: يكفي عدل وامرأة، وخلافًا لابن مسلمة فإنه قال: يكفي عدل وامرأتان، ثم قالوا: ويعم ثبوت رمضان جميع البلاد والأقطار إذا كان ثبوت الشهر بكمال شعبان، ولا يعم إذا كان ثبوته برؤية العدلين إلا إذا نقل شهادتهما عدلان، فكل من نقل إليه خبر العدلين بأخبار عدلين وجب عليه الصوم، ويثبت برؤية العدلين ولو كانت السماء مصحية وفي بلد كبير، وهو قول مالك وأصحابه.