ومعلوم أن تأخير إعلان وجوب الصيام أو الإفطار بقدر هذه الأجزاء من اليوم لا يقدح في مشاركة جميع الحكومات في نفس اليوم والتاريخ بمعنى أنه لو فرض أن الهلال لم يتكامل ليصلح للرؤية إلا في مراكش آخر الحكومات الإسلامية جهة الغرب وفيها رئي وشهدت الشهود وأثبت قاضيها الشهر وأبرقت حكومتها بذلك إلى جميع الحكومات شرقًا وهي الفلبين وأندونيسيا والملايو بعد المغرب فيها بنحو ٩ ساعات بمعنى إن إذاعة الرؤية وبثبوت الشهر من مراكش عقب مغربها إنما تسمع في أندونسيا بعد مغربها هي بتسع ساعات أي قبل شروق الشمس فيها بثلاث ساعات، ضرورة أن ليلها دائمًا ١٢ ساعة، لوجودها على خط الاستواء تقريبًا أي قبل الفجر عندهم بنحو ساعة ونصف ساعة ومعلوم أن هذه المدة كافية لما يلزمهم من سحور وعقد النية على صيام هذا اليوم مع مراكش، وأما غير أندونيسيا من كل حكومة شرق مراكش كالعراق ومصر والجزائر فمن باب أولى.
وأما وحدة هذا اليوم في باقي بلاد الدورة من سطح الأرض كأمريكا فأمرها ظاهر، إذ أنهم وقت هذه الإذاعة من مراكش كانوا في عصر اليوم السابق أو في ظهره أو في شروقه مثلًا، وحينئذ يستقبلون هذا اليوم الجديد من أوله دون تغيير في اسمه أو في تاريخه.
وأما أهل البلاد القطبية التي تنعدم فيها علامات أوقات الصلوات اليومية لدوام النهار أو الليل أكثر من ٢٤ ساعة في بعض السنة، فيدقون بدء الشهر عندهم بزمن مبدئه في العواصم المشهورة على خطوط أطوالهم كخط طول القاهرة مثلًا، فالبلاد القطبية التي عليه تجعل مبدأ الشهر عندها كأهل القاهرة، إما من ساعة المغرب في أقرب البلاد المعتدلة إليهم، وإما من ساعة المغرب لخط الاستواء، أعني رجوعهم إلى أعدل الأيام.