النقطة الثانية: البحث الآخر هناك بحث أصولي، وأنا أركز عليه لأن هذا البحث الأصولي يدخل- طبعا أنا أشير إلى نتائجه فقط- في قضية مسائل الذبح والتذكية, يقول العلماء: إذا جاءنا إطلاقان متعارضان أحدهما يحظر والآخر يبيح، فإذا كان أحد الإطلاقين مخدوشا يقدم الإطلاق الآخر. هنا عندنا إطلاق من كلمة {َالْمُنْخَنِقَةُ}[المائدة: ٣] يشمل منخنقة المسلم ومنخنقة الكافر، وعندنا لفظ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ}[المائدة: ٥] أيضا مطلق يشمل المنخنقة وغير المنخنقة. المناطقة يقولون: إن النسبة بينهم عموم من وجه. هذا التعارض يرتفع بتقديم كل ما لدينا من أدلة في قضية التذكية على هذا الدليل، يعني على هذا الإطلاق الموجود في أهل الكتاب باعتبار أنها إطلاقات سليمة وإطلاق {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥] مخصص أو مقيد بتعبير أدق.
النقطة الثالثة: أصولية أيضا , عندما نشك في كون هذا مذكى, تارة نحن في سوق المسلمين شكنا لا قيمة له, سوق المسلمين أمارة عامة على صحة ما يأتي، أما عندما لا يكون هناك سوق مسلمين، وأشك في كون هذا اللحم مذكى، لا ريب أن المحكم هنا أصالة عدم التذكية أصلا، استصحاب عدم التذكية لم يكن مذكى، وأشك في أنه ذكي استصحب العدم, والدليل هنا هو الاستصحاب، وهو دليل مقبول عند عموم العلماء، وليس دليلا كما تفضل فذكره إمام المسجد الحرام المرحوم ابن حميد؛ أنه من باب تغليب الحظر على الإباحة، يعني ليس هنا نقاش بين الحظر والإباحة، وإنما هنا حالة سابقة يجب أن تبقى حتى تنقض بيقين لاحق.
الحالة، حالة استصحاب، وأصالة عدم التذكية جارية بشكل كامل, هناك شيء يترتب: نشترط ويشترط كثير من العلماء أن تكون الصلاة في ثوب، من جلد، طاهر مذكى، أي أن تكون هناك تذكية في البيت, هنا يمكن التمسك بأصالة أخرى وهي أصالة الطهارة طبق قاعدة "كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس "، هنا أصالة الطهارة جارية، وهناك بحث عند العلماء كيف يحرم علينا لحمه، ولكن يسمح لنا بلبسه في الصلاة؟