ويلزم على الأخذ بهذه التقاويم تغيير أوقات العبادات عما حدده لها الشارع وبالتالي يلزم إحلال ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، فقد حرم الله صوم أيام العيدين وأيام التشريق وأحل الفطر في شعبان كما يلزم عليه أن يكون الوقوف بعرفة في غير التاسع وأن تذبح الأضاحي قبل وقتها.
خامسًا: أن الحساب الفلكي الشرعي المبني على الوضع الهلالي وإمكان رؤيته بعد غروب يوم ٢٩ من الشهر السابق بحساب الرؤية يصلح مناطًا مستقلًا لإثبات الشهر، كما اختاره طائفة من العلماء الأثبات ممن ذكرنا كالسبكي وابن سريج وابن مقاتل وغيرهم، ورجحه الشيخ بخيت المطيعي، وأن ذلك لا يتنافى مع أحاديث إثبات الشهور بالرؤية أو الإكمال بناء على أن المراد العلم بالرؤية حقيقتها، بدليل وجوب الصوم على الأعمى والمحبوس في المطمورة وسكان القطبين والبلاد التي في حكمها، وهم محرومون من الرؤية حتمًا ويدل على ذلك أيضًا ما جاء في بعض روايات الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم ((فإن غم عليكم فاقدروا له)) فقد فسر من يرى من العلماء الأخذ بالحساب القطعي قوله صلى الله عليه وسلم ((فاقدروا له)) بمعنى فانظروه وتدبروا فيه من قولهم: قدرت الأمر نظرت فيه، وتدبرته وذلك بالحساب عند من خصهم الله بهذا العلم، قال السبكي: والبحث في هذا الحديث في موضعين، أحدهما قوله ((فاقدروا له)) قال بعض من يقول باعتماد الحساب: معناه احسبوا له، ويكون معناه قدروه بالحساب والمنازل كما قال تعالى {وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} قاله مطرف بن عبد الله من التابعين وابن قتيبة من المحدثين وابن سريج من الشافعية وابن مقاتل من أصحاب محمد بن الحسن وطائفة من المتأخرين قالوا: ولا يلزمنا مقال المازري من أن الناس لو كلفوا بالحساب ضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد قلائل، لأنه إنما يلزم ذلك لو كلف عامة الناس بالحساب، ولم يقل بذلك أحد، بل الذي قلناه: إن قوله صلى الله عليه وسلم ((فاقدروا له)) بالمعنى الذي اخترناه خطاب لمن خصه الله بهذا العلم، وقوله ((فأكملوا العدة ثلاثين يومًا)) كما في الرواية الأخرى خطاب للعامة.