للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاتمة في خلاصة البحث

وبيان أيسر السبل لإثبات الأهلة

تبين من كل ما تقدم في هذا البحث أن الراجح ما يأتي:

أولًا: أن إثبات الشهور في حد ذاته من غير نظر إلى ما يتعلق به من حقوق العباد من باب الإخبار لا من باب الشهادة، وأنه لا يدخل تحت الحكم والقضاء، فلا تلزم فيه شروط الشهادة، ويستوي في المخبر أن يكون ذكرًا أو أنثى حرًا أو عبدًا، ولا يشترط مجلس الحكم ولا تقدم الدعوى، ولا قضاء قاض ولا لفظ: أشهد، ويكفي بأن يكون المخبر مستورًا غير ظاهر الفسق.

ثانيًا: أن الشهور جميعًا سواء في حالة الصحو أو الغيم يكفي في إثباتها خبر الواحد متى غلب على الظن صدقه ولم يكذبه الحساب الموثوق به القاضي باستحالة الرؤية وأنه لا تشترط الاستفاضة ولا العدد الجم إلا عند مظنة الغلط أو الخطأ أو رجحان تهمة الكذب.

ثالثًا: أنه لا عبرة لاختلاف المطالع، فإذا ثبت الشهر في أية حكومة إسلامية ونقل هذا الثبوت إلى سائر البلاد الإسلامية بطريق موثوق به فإنه يعم حكمه الجميع ما داموا مشتركين مع بلد الرؤية في جزء ولو يسير من ليلة الرؤية.

رابعًا: أنه لا يصح التعويل في إثبات الشهور على قواعد الفلكيين القدماء فيما قبل عصر النهضة الإسلامية في العصر العباسي لأنها قواعد تقريبية غير متيقنة ولا منضبطة كما لا يصح التعويل على الجداول الفلكية التي تجعل بعض الشهور ثلاثين يومًا أبدًا وبعضها ٢٩ يومًا أبدًا فقد تبين خطؤها وأنه قد تتوالى أشهر كلها ثلاثون وأشهر كلها تسعة وعشرون.

كما ثبت أن الحساب الفلكي المعمول به الآن في التقاويم الرسمية وغيرها لا يتفق مع الحساب الشرعي الذي يعتمد على القطع بالرؤية أو إمكانها على الأقل، لأن التقاويم الحالية تعتمد في تعيين أوائل الشهور على اجتماع الشمس والقمر فيجعلون أول ليلة يغرب يلفها القمر بعد غروب الشمس هي أول الشهر ولو استحالت الرؤية، ومن المقرر أنه قد يتفق الحسابان وذلك فيما إذا غرب القمر بعد الاجتماع قبل الشمس أو معها يكون أول الشهر الليلة التالية لليلة الواقعة بعد الاجتماع، وقد يتقدم أول الشهر بالحساب الفلكي والاجتماعي على أوله بالحساب الفلكي الشرعي المبني على إمكان رؤية الهلال بيوم في الأكثر أو بيومين في الأقل.

ويلزم على الأخذ بهذه التقاويم تغيير أوقات العبادات عما حدده لها الشارع وبالتالي يلزم إحلال ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، فقد حرم الله صوم أيام العيدين وأيام التشريف وأحل الفطر في شعبان كما يلزم عليه أن يكون الوقوف بعرفة في غير التاسع وأن تذبح الأضاحي قبل وقتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>