للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن قدامة في كتابه المغني "من بنى على قول المنجمين والحساب لم يصح صومه وإن كثرت إصابتهم لأنه ليس بدليل شرعي إنما الدليل قوله عليه الصلاة والسلام ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) وفي رواية ((لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه)) فأناط وجوب الصوم برؤية الهلال.

وقد نقل الباجي في المنتقى والقرطبي في الأحكام رواية عن مالك، روى ابن نافع عن مالك "عن الإمام لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته إنما يصوم ويفطر على الحساب أنه لا يقتدى به ولا يتبع" وجاء في شرح مسلم للنووي نقلًا عن المازري: حمل جمهور الفقهاء قوله صلى الله عليه وسلم ((فاقدروا له)) على أن المراد إكمال العدة ثلاثين كما فسر في حديث آخر، ولا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد والشرع إنما يعرف بما يعرفه جماهيرهم.

وحجة المتمسكين بإثبات الشهور القمرية بخصوص الرؤية البصرية جملة نصوص من السنة، واعتبروا الرؤية أمرًا تعبديًا لا يمكن العدول عنها إلى الحساب بحال من الأحوال، لأن الشريعة الإسلامية ربطت ميلاد الأهلة في كل هذه النصوص بالرؤية البصرية، وهذا يؤدي إلى حتمية الرؤية وعدم جواز العلم بالحساب، واستشهدوا بقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له)) وفي رواية ((فاقدروا له ثلاثين)) وفي رواية ((إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا وإن غم عليكم فاقدروا له)) وفي رواية ((إن غم عليكم فصوموا ثلاثين يومًا)) وفي لفظ البخاري: ((الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) فلم يذكر صلى الله عليه وسلم علم الحساب ولا أقوال المنجمين والنصوص صريحة في اعتماد الرؤية.

والقدر أو التقدير عندما تتعذر الرؤية البصرية لعارض من العوارض كضباب وغيره إنما هو إكمال الشهر ثلاثين يومًا، كما اعتبروا أن قضية الصوم والإفطار قضية دينية بحتة يجب الرجوع فيها إلى النصوص لا إلى مقتضيات العقول لأنها ليست من مجال الاجتهاد الذي يفضي إلى استعماله في حالة فقدان النصوص والمعروف أن حكمها مقرر في السنة النبوية واتفاق المسلمين في الطبقة الأولى منهم وأغلبهم فيما بعد ذلك وإلى اليوم لم يؤولوها لأن عباراتها صريحة لا تحتمل التأويل وخصوصًا لا يوجد دليل من النصوص يعارضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>