للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا - العين:

يبدو أن الفتاوى الحديثة في مسألة الكحل والدهن والقطرة في العين

قد تابعت الخلاف الذي جرى بين الفقهاء، وهذا الخلاف بني على أصلين؛ أولهما: مدى صحة وحجية أحاديث الاكتحال، والثاني: مدى اعتبار العين منفذا إلى الجوف. (١)

فقد رأينا أن غالبية الفتاوى في هذا الشأن لا تبطل صيام المكتحل، لمجموع الأحاديث التي يقوي بعضها بعضا، ولأن العين ليست بمنفذ إلى الجوف، وعدى هذا الحكم إلى كل ما يوضع في العين من دواء وقطرة ومراهم ونحوها. (٢)

ومع ذلك أفتى البعض بفساد صوم المكتحل وقاس على الكحل كل ما يوضع في العين من قطرة ودهون، إذا وصل إلى الحلق. (٣)

ونلاحظ في هذا المقام أن الدموع التي تفرزها الغدة الدمعية لتنظف وترطب قرنية العين تصب في تجويف الأنف عن طريق القناة الدمعية (شكل ٤) ، لذا عندما يبكي الإنسان طويلا يتمخط كثيرًا. (٤)

فالرأي - عندي - أن الصائم إذا اكتحل أو وضع في عينه الدهن أو الدواء أو قطر فيها، وأحس بأثر ذلك في أنفه فتمخط، فإن صيامه يكون صحيحًا، أما إذا أحس بأثر ذلك وعيَّنه في مخاطه فاقتلعه بنفسه وابتلعه، فإن صيامه يفسد، والله أعلم.


(١) الزيلعي، تبيين الحقائق: ٢/ ٣٢٢؛ الآبي الأزهري، جواهر الإكليل: ١/ ١٤٩؛ الشربيني الخطيب، الإقناع: ١/ ٢٠٤؛ المرداوي، تنقيح الفروع: ٢/ ٤٦؛ الترمذي: ٣/ ٩٦ - باب ما جاء في الكحل للصائم: " ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، في هذا الباب شيء " , ومثل هذا المعنى عند: النووي، والبغوي، وأبي داود ... إلخ
(٢) رفعت فوزي، الصوم، ص ٨٥ - ٨٦؛ فضل عباس، التبيان والإتحاف، ص ١٠٩ - ١١٠؛ محمد عقلة، الصيام، ص ٢١٩ - ٢٢٠؛ محمد هيتو، فقه الصيام، ص ٨٥ -٨٦؛ الجبرين، فتاوى الصيام، ص ٥٢ - ٥٣؛ أبو سريع عبد الهادي، أحكام الصوم، ص ١٤٠ -١٤١
(٣) يوسف مغربي، رفع الحرج والملام، ص ٨٧ " فتوى الشيخ الفوزان ".
(٤) محمود وهانئ البرعي، تشريح ووظائف أعضاء الإنسان، ص ٣٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>