في الحقيقة كنت قد أمليت النظر في هذا الموضوع منذ زمن لم أجد أصلًا من النصوص يمكن أن يبحث فيه هذا الموضوع في ضوئه، لذلك أقدر أن وضع هذا الموضوع في سجل الأعمال التي ينظر يها هذا المجمع الكريم كان عن تخطيط ذكي وسليم لأن هذا الموضوع بالذات يمكن أن ننظر فيه وأن يخرج المجمع برأي يفض الخلاف حوله لا سيما وقد تضاربت الآراء حوله والناس عندما يفتون بأن الزكاة على الدائن خصوصًا وأن الدين طال عليه الأمد ومضى عليه سنوات يكادون يستهجنون مثل هذه الفتيا وأن التقى الورع منهم لا يكاد يزكى إلا عن عام واحد بعد قبض الدين فعلًا. لهذا فإن النظر في هذا الموضوع نظر سليم ونستطيع أن نعطي أو ندلي فيه برأي يرفع الخلاف. وليس العمل مجرد انتقاء ولكن في الحقيقة يسهل على المفتين الرأي الراجح من هذه الآراء. لذلك أرى أن القول بأنه لا زكاة لا على الدائن ولا على المدين هذا قول ينبغي رفضه لأنه يتنافى مع مقاصد الشريعة. كذلك القول بأن الزكاة تكون على المدين الحقيقة نزيده ضغثًا على إبالة لأنه ما استدان إلا لحاجة ولا يمكننا أن نحمله عبء أداء الدين وعبء زكاته، بقي أن الزكاة ينبغي أن تكون متعينة على صاحب المال وهو الدائن لأنه المالك فعلًا والكلام في هذا الموضوع ما هو إلا تطبيق للشروط العامة التي إذا توافرت وجبت الزكاة، وأهم هذه الشروط هو ملك النصاب هو رضي لنفسه أن يقرض والقرض الحسن كما هو معلوم لديكم له ثواب أفضل من ثواب الصدقة، فهو ابتغى تسهيل تعاون أخيه المسلم ورفع ما به من ضائقة، لذلك أجره عظيم عند الله جل جلاله عندما أقرض.
بقي الواجب المالي العبادي وهو لما يملكه، حينئذ أؤيد بحث أخي فضيلة الدكتور الصديق في أن تكون الزكاة على الدائن إذا قبض هذا الدائن المال فعلًا أو كان في حكم المقبوض. بعد هذا القبض هل يزكيه عن سنة واحدة أم عن السنوات الماضية؟ الحقيقة الذي ينطبق على القواعد الفقهية لا يمكننا أن نستثنى هذه الجزئية من القواعد ولا من شروط أداء الزكاة ووجوبها، فلذلك أرى أنه لا بد من أن تكون الزكاة على ما مضى من السنوات ولكن نيسر على الدائن أن تكون الزكاة بعد القبض فعلًا أو أن يكون ذلك في حكم القبض. وشكرًا لفضيلتكم.