بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
افتتح كلمتي هذه بالتوجه بالشكر إلى كل إخواني الذين تقدموا وخاصة فضيلة الشيخ الضرير الذي أرحب به ثانيًا والذي أحسسنا بالفقد عندما لم يشاركنا من أول يوم.
القضية التي طرحت اليوم هي قضية جديرة بالنظر ولا بد من التعمق فيها قليلًا. فالله قد فضل بعضنا على بعض في الرزق فجعل قسمًا محتاجًا وقسمًا متفضلًا. وتوجه إلى القسم المتفضل فقال تعالى:{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} بمعنى أن الإسلام يهدف فيما يهدف أولًا إلى نزع الأنانية الفردية من الإنسان الثري حتى يشارك الفقير فيما آتاه الله. هذا الانتزاع الأناني هو يكون بأمرين يكون أولًا بالتبرع الواجب وغير الواجب بما جاء من زكاة وصدقة وهبة ووصية إلى آخر التبرعات التي لا يبتغى منها صاحبها إلا وجه الله والتي تخرج عن ماله خروجًا تامًا كما جاء أيضًا وقاية شح النفس بالقرض والقرض هو منهج إسلامي يختلف اختلافًا كبيرًا عن بقية المناهج إذ أن القرض الإسلامي يعود فيه المال لصاحبه دون زيادة. وهذا ما لا يقبله غير المسلمين. فإذا أقرض المسلم ماله لغيره فإنني عندما نظرت في المال وجدته مملوكًا ملكًا غير تام لا للدائن ولا للمدين. فإذا نظرت للدائن صاحب الدين وجدته قد خرج المال من يده رغبة في الثواب من عند الله وتنازل عن تنمية ذلك المال بوجوه التنمية المعلومة. ووجدته عند المدين هو لا يملك الأصل ولكن يملك استثمار ذلك المال وتنميته، فالقضية إذن هي قضية فيها وجهان.
وبناء على هذا فالرأي الأول الذي ذكر فضيلة الشيخ الضرير أنه لا يرى له وجهًا هذه هي الناحية في نظري التي بنى عليها أصحاب القول الأول قولهم لما قالوا ولست أؤيد هذا القول ولكن وجهة نظر محترمة مبنية على أصل، على هذا القول بنى من بنى أنه لا تجب الزكاة على هذا ولا على ذاك لأن هذا لا يملكه ملكًا تامًا والآخر لا يملكه ملكًا تامًا. إذا ما ذهبنا إلى أن المال تجب زكاته على صاحب الدين للسنوات التي مرت كلها فإن الديون قد تكون تارة لعشر سنوات وتارة تكون لأكثر فمعنى ذلك أننا حطمنا هذا الأصل الموجود، إما بطريقة حرام واضحة وإما بطريقة فيها حيلة. فإذا نقضنا الأصل تمامًا وقلنا له تأخذ المال لكم عندك عندما تأخذ المال يجب عليك أن تزكيه للسنوات الماضية كلها، فمعنى ذلك أننا نقصنا له من ماله عشرين ٢٠ % أو ١٠ % حسب السنوات الماضية. فالقضية إذن هي قضية فيها وجهان، وجه لا بد من ملاحظته وهو أن نمكن هذا المال الموجود من أن يخرج من الخزائن إلى الناس القادرين على استثماره، والقرض باب كبير، لهذا من الناحية الدنيوية ومن الناحية الأخروية، فهذا الإشكال الذي ظهر لي أولًا في هذه القضية. طريقة حل هذا الإشكال، هل نفضل أن نجعل زكاة الدين هي على المدين لكامل السنوات التي مضى فيها وقد استفاد منه المحتاج كله لا ببعضه واستثمره وأنفق منه على عياله وحرك به الاقتصاد، أرى أن هذا فيه ظلمًا لرب الدين وفيه تعطيل للدين، فأنا أعتقد أن أفضل حل لذلك هو أن يعتبره صاحب الدين من الوقت الذي يتمكن فيه من قبض دينه أما بأن يكون قد حل على مليء معترف وأن يكون الدين صاحبه غير مماطل وهناك في هذا يجب عليه أداء الزكاة لسنة واحدة يستقبل بها من وقت القدوم.
الأمر الثاني، ما جاء في كلمة صديقي فضيلة الشيخ عبد الستار أبو غدة من أنه إذا انضاف مال جديد إلى مال قديم قبل حلول الحول فإنه يجري عليه الحول الأول، أنا لا أقول إنني أعرف المذاهب كلها ولكن مذهب مالك خلاف هذا. فإنه يستقبل به حول جديد وإنما ذلك المال الذي نما من المال أصل المال الأول له حوله الأصلي أما المال الجديد فله حول من وقت قبضه لأن الحول هو منتسب إلى المال وليس منتسبًا إلى صاحب المال. شكرًا.