للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا - القيء:

انفرد الحسن البصري - في إحدى الروايتين عنه - بالقول: " إن من ذرعه القيء فقد أفطر ووجب عليه القضاء ". (١) ، وجمهور أهل العلم من القدامى والمحدثين على أن من غلبه القيء لا يفطر ولا قضاء عليه، وأن من تعمد القيء يبطل صومه، لما أخرجه الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من استقاء فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه)) . (٢) ، ومع ذلك: فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن من تعمد القيء وهو صائم فلا شيء عليه وصيامه صحيح، لعدم أخذه بالأحاديث الواردة في القيء. (٣)

ومعظم الفتاوى الحديثة تعتمد رأي الجمهور، فتعتبر أن الصائم لا يفطر إذ غلبه القيء وليس عليه قضاء، وأنه يفطر وعليه القضاء إن تعمد القيء بأية وسيلة (وضع الإصبع في الفم، شم رائحة تسبب القيء) . (٤) ويفتي البعض بصحة الصوم مع القيء، سواء كلب القيء الصائم أو تعمد الاستقاءة. (٥)

ونحن نميل إلى عدم صحة الصوم إذا تعمد الصائم القيء، لمجموع الأحاديث والآثار التي يقوي بعضها بعضا، ولعدم مخالفة رأي الأكثرية من الفقهاء، ولأن الاستقاءة مظنة رجوع شيء من الخارج إلى الجوف مع التعمد, والله أعلم.

ويقاس على الاستقاءة إدخال آلة في فم الصائم أو أنفه لاستخراج عينة من الصديد أو الإفرازات في اللوزتين، أو من البلغم العالق في البلعوم أو الحلق، أو من المخاط أو إفرازات الجيوب الأنفية، أو نحو ذلك، فالأفضل تأخير ذلك إلى وقت الإفطار، والله أعلم بالصواب.

* * *


(١) محمد حسن هيتو، فقه الصيام، ص ٧٣.
(٢) ابن الهمام، فتح القدير: ٣/ ٣٣٤ - ٣٣٥؛ مالك، الموطأ: ١/ ٣٠٤؛ النووي، المجموع: ٦/ ٣٥٩؛ ابن قدامة، المغنى: ٣/ ١٣٧ -١٣٨
(٣) يوسف القرضاوي، المرجع السابق، ص ٩١ - ٩٢ وما ذكره في حواشيهما من مراجع ومصادر.
(٤) رفعت فوزي، الصوم، ص ٩٥ -٩٧؛ محمد حسن هيتو، فقه الصيام، ص ٧١ - ٧٤؛ فضل عباس، التييان والإتحاف، ص ٩٤ - ٩٥؛ أبو سريع عبد الهادي، المرجع السابق، ص ٧٩ - ٨٠؛ الزهراني، فتاوى الصيام للجبرين: س ٤٨ ص ٤٧؛ يوسف مغربي، رفع الحرج والملام: ص ١٢٨ " فتوى الشيخ ابن باز "، ص ١٢٨ - ١٢٩؛ " فتوى الشيخ ابن عثيمين " ص ١٢٩ " فتوى الشيخ الفوزان ".
(٥) القرضاوي، تيسير الفقه (فقه الصيام) ، ص ٩٠ - ٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>