للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العنوان الثالث: الحساب الفلكي هو غير التنجيم:

فقد اعتقد علماء الفلك والهيئة من المسلمين من جانبهم أنهم مخاطبون شرعًا للعمل في هذا الميدان لا سيما والقرآن نفسه رغب الناس في علم الهيئة لمعرفة حساب الشهور والسنين من منازل القمر بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} وبما ورد من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((فإذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له)) وأنه يتعين أن يكون المراد من ((اقدروا)) انظرا فيه وتدبروه حتى تعرفوا الأوقات، وذاك يختلف باختلاف الناس ولا يلزم أن يكون الناس عارفين بالعلامات التي تدل على الأوقات، بل يكفي أن يعرف ذاك البعض وسبيل من لم يعرف أن يسأل من يعرف والله تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} كما حفزهم على بذل الجهد في هذا الميدان بالحديث المروي عن ابن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ((إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا)) واتنكبوا انكبابًا كليًا لمعرفة كل العلوم للخروج بالأمة الإسلامية من الأمية إلى نور العلم والمعرفة محبة في الرفعة والله تعالى يقول: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} .

وهكذا انطلق علماء الفلك المسلمون على رصد سير الشمس والقمر منزلة منزلة حتى تمكنوا من التقدم في هذه العلوم تقدمًا واسعًا كما تمكنوا من معرفة الأحوال التي يرى فيها الهلال إذا تعذرت رؤيته حتى كانت نتائجهم لا تخالف الرؤية البصرية بل كانت الرؤية تؤيد حسابهم وأرصادهم مما جعل علم الهيئة يتبوأ الصدارة من العلوم، وهذا ما تفطن إليه كثير من الفقهاء في مختلف المذاهب الإسلامية وجعلهم يقتنعون بجدوى الاكتشافات العلمية الصحيحة ويعطون الحساب ما يستحقه من اعتبار في التشريع إذ أصبح وسيلة من وسائل إثبات الصوم عندهم لا تقل قيمة عن الرؤية البصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>