للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: التحاميل:

إن كان المراد منها تحميلة المهبل - أي فزرجة - فالظاهر الجواز، لعدم صدق العناوين الممنوعة عليه لا الأكل ولا الشرب ولا الاحتقان، فيرجع إلى عموم الحصر والأصل، وإن كان المراد منها تحميلة المستقيم - أي لبوس- فيمكن إدخاله في البحث عن الاحتقان بالجامد، فسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى.

الثالث: الحقن الشرجية.

الظاهر أن المراد منها الاحتقان، المبحوث عنه عند الفقهاء.

فلابد من البحث عن الاحتقان، وهنا يقال: إن الحقنة على ضربين:

ا - الحقنة بالمايع.

٢ - الحقنة بالجامد.

فيقع الكلام في مقامين:

المقام الأول: الحقنة بالمايع.

ويقع البحث في هذا المقام في جهات ثلاث:

الجهة الأولى: في الحكم التكليفي.

لاخلاف ظاهرًا في حرمتها عند الإمامية، ولم ينقل الخلاف إلا من ابن الجنيد، حيث حكي عنه استحباب الاجتناب عنها، وذهب جماعة من فقهاء أهل السنة أيضًا إلى الحرمة (١)

والدليل عليه الروايات الشريفة:

١ - منها: صحيحة أحمد بن أبي نصر، وهي ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام: أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان, فقال: الصائم لا يجوز أن يحتقن.

ورواه أيضًا الكليني والصدوق (٢)

والرواية صحيحة، والدلالة أيضًا تامة؛ فإن المتيقن من مفهوم الاحتقان: الاحتقان بالمائع.

٢ - ومنها: موثقة الحسن بن فضال، وهي ما رواه محمد بن يعقوب، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسين (الحسن) ، عن محمد بن الحسين (الحسن) ، عن أبيه، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: ما تقول في اللطف يستدخله الإنسان وهو صائم؟ فكتب عليه السلام: لا بأس بالجامد (٣)

ورواها محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحسن، عن أبيه إلا أن فيه في التلطف بالأشياف. (٤) والرواية معتبرة موثقة وإن كان فيها الحسن بن فضال لأنه ثقة، ودلالتها على عدم جواز الاحتقان بالمايع.

وهاتان الروايتان وإن دلتا على المفطرية كما سيأتي، ولكن تستفاد الحرمة بضميمة ما يدل على حرمة الإفطار واضحة.

إن قلت: هناك رواية تدل على الجواز، فتعارض ما دل على المنع، وهي ما رواه محمد بن يعقوب (٥) عن محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل والمرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان؟ قال: لا بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن جعفر عليه السلام (٦)

قلت: هذه الرواية مطلقة؛ لأن ترك الاستفصال عن السائل يدل على الشمول، وموثقة الحسن بن فضال مقيدة، فتحمل عليها، فتحصل: أن الاحتقان بالمائع محرم تكليفًا.


(١) المغني: ٣/ ٣٩؛ والسراج الوهاج، ص ١٣٩؛ والبحر الزخار: ٣/ ٢٥٣؛ وعدة من كتبهم الأخرى.
(٢) الوسائل: ج١٠، الباب ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح١؛ عن التهذيب: ٤/ ٢٠٤، ح ٥٨٩؛ والاستبصار: ٢/ ٨٣، ٢٦٥؛ والكافي: ٤/ ١١٠، ح ٣؛ والفقيه: ٢ / ٦٩
(٣) الوسائل: ج ١٠، الباب ٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح ٢؛ عن الكافي: ٤ / ١١٠، ح٦
(٤) التهذيب: ٤/ ٢٠٤، ح ٥٥٩؛ الاستبصار: ٢/ ٨٣، ٢٥٧
(٥) التهذيب: ٤/ ٢٠٤، ح ١؛ الاستبصار: ٢/ ٨٣، ٢٥٧
(٦) التهذيب: ٤/ ٣٢٥، ح ١٠٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>