الفرع الثاني: ما يدخل الجسم عبر الجهاز التنفسي من الأدوية كالبخاخ للربو وكل ما يستنشق، ويتصور لهذا الفرع شقوق متعددة؛ لأن هذه الأدوية إما أن تصل إلى الجوف من طريق الحلق أيضًا أو لا، وأيضاً إما تحمل مواد كثيرة بحيث يصدق معها الأكل أو الشرب أو لا، فالشقوق أربعة.
والظاهر مفطرية الشق الثالث، لصدق الأكل أو الشرب، وأما سائر الشقوق ففيها وجهان:
الأول: عدم المفطرية، وهو الحق.
والدليل عليه أمور:
الأول: أن المفطرات محصورة في أمور ليس التداوي بهذه الصور الثلاث أحدها، لعدم صدق الأكل والشرب، فيدخل في عموم المستفاد من المفهوم، وهو عدم مفطرية غير المذكورات في الصحيحة.
الثاني: ما رواه الشيخ (١) بإسناده عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضَّال، عن عمرو بن سعيد، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك، فتدخل الدخنة في حلقه؟ فقال: جائز لا بأس به. كلام حول السند:
عبر بعض الأعاظم عن الرواية بالموثقة: لأن عمرو بن سعيد ثقة كما وثقه النجاشي، وإن كان فطحيَّ المذهب، وكذا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ثقة، كما وثقه النجاشي والشيخ، وإن كان فطحيًّا على ما قيل، لعدم قدح اختلاف المذهب في قبول رواية الراوي لو كان ثقة. وإسناد الشيخ إلى أحمد بن الحسن بن علي بن فضال صحيح أيضًا.
ولكن الحق، أن صحة إسناد الشيخ إليه لا يجدي في تصحيح هذه الرواية؛ لأن إسناد الشيخ على ما صرح به نفسه إنما هو بالنسبة إلى كتابيه الصلاة والوضوء، ولا نعلم أنه نقل هذه الرواية منهما أم من كتبه الأخرى، فتسقط عن الاعتبار.
تقريب الاستدلال: أن المتفاهم منها عرفًا أن الوجه في الجواز مع فرض الدخول في الحلق هو عدم تحقق عنوان المفطر هنا، وهو الأكل والشرب المأخوذ في بعض الأدلة، والطعام والشراب المأخوذ في بعض آخر، وبهذا يسري الجواز إلى ما يشبه الدخنة إذا دخل الحلق، وبالأولوية يسري إلى ما لا يدخل في الحلق.
الثالث: الأصل.
(١) الوسائل: ج ١٠، الباب ٢٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح ٢ عن التهذيب: ٤/ ٣٢٤