للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: ويمكن أن يستدل له بأمرين:

الأول: ما يستفاد من الأدلة الدالة على مفطرية الغبار من مفطرية كل ما يدخل الجوف غير الهواء الذي لابد منه.

ويرده: أنه حكم تعتدي، فيقتصر على مورده، ومما يدل على عدم كونه مفطرا من جهة كونه مصداقا للأكل ما ورد في بعض رواياتها، فإن ذلك له مفطر مثل الأكل والشرب والنكاح (١)

الثاني: استقرار سيرة المتشرعة على التحزز عن الدخان، فيسري حكمه إلى غيره.

والجواب واضح؛ لأن اتصال هذه السيرة إلى زمان المعصوم عليه السلام غير محرز، بل محرز العدم، هذا أولًا.

وثانياً: لا وجه أصلًا لإسراء حكم المستفاد من السيرة الواجدة للشرائط في مورد إلى غير مورده وإن كان مشابهاً لها.

فتحصل أن الحق في المسألة الجواز.

الفرع الثالث: ما يكون استعماله مقصورًا على الفم من العلاج كالغرغرة وقلع السن.

يستفاد حكم هذا الفرع مما سبق، وأن الحق الجواز، إلا إذا أدخل الماء أو الدواء أو الدم إلى الجوف من طريق الحلق، أو علم بأن الغرغرة وقلع السن وما شابهما تلازم وصول الماء وغيره إلى الحلق، بل يمكن أن يقال بلزوم كفارة الجمع إذا أوصل الدم في قلع السن إلى جوفه من طريق الحلق، لصدق الإفطار بالمحرم.

فالحق أن قلع السن جائز، ولكن هناك رواية موثقة تدل على المنع وهي:

ما رواه محمد بن يعقوب (٢) عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم ينزع ضرسه؛ قال: لا، ولا يدمي فاه، ولا يستاك بعود رطب.

ورواه محمد بن علي بن الحسين (٣) بإسناده عن عمار بن موسى الساباطي مثله إلى قوله: ولا يدمي فمه.

ودلالتها على عدم جواز نزع الضرس واضحة، ولا دليل على رفع اليد عن هذا الظهور، وإن قام دليل على إرادة الكراهة في الاستياك بالعود الرطب مثلًا، فلا يلزم منه رفع اليد عن ظهورها في الحرمة في نزع الضرس.

والسند أيضًا معتبر، وإن كان فيه الفطحيون لوثاقتهم.

فما العلاج؟ الظاهر أنه لا يمكن الاعتماد للإجماع على خلافها، ولعله لذا أفتى جماعة بالكراهة.


(١) راجع الوسائل، كتاب الصوم، باب ٢٢ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(٢) الكافي: ٤/ ١١٢، ح ٤؛ الوسائل: ١٠ الباب ٢٦ من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح ٣
(٣) الفقيه: ٢/ ٧٠، ح ٢٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>