للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آراء العلماء في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: ١٨٤] :

اختلف العلماء في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة، فقيل: إنها منسوخة وإنما كانت رخصة عند ابتداء فرض الصيام؛ لأنه شق عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم وهو يطيقه، ثم نسخ ذلك - وهذا قول الجمهور - حكاه الشوكاني، وقال: وروي عن بعض أهل العلم أنها لم تنسخ، وأنها رخصة للشيوخ والعجائز خاصة إذا كانوا لا يطيقون الصيام إلا بمشقة.

وكان الناسخ عند من قال بالنسخ قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . [البقرة: ١٨٥]

وهذا يتفق مع الحكمة العالية التي اتبعها الإسلام وهي عدم مفاجأة النفوس بالتكاليف، ولكن بالتدرج فيها حتى تألفها.

روى البخاري: وقال ابن نمير حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك، فنسختها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} . [البقرة: ١٨٤] (١)

وروى الطبري في تفسيره، قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة، قال: حدثنا أصحابنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة، قال: ثم نزل صيام رمضان، قال: وكانوا قومًا لم يتعودوا الصيام، قال: وكان يشتد عليهم الصوم، قال: فكان من لم يصم أطعم مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] فكانت الرخصة للمريض والمسافر، وأمرنا بالصيام. (٢)


(١) تفسير الطبري: ٢/ ١٣٢، ط الحلبي؛ تفسير القرطبي: ٢/ ٢٨٨
(٢) تفسير الطبري: ٢/ ١٣٢، ١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>