للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفطرات:

الشريعة الإسلامية مبنية على اليسر والرحمة، ولم يقصد بتكاليفه عنتًا ولا إرهاقًا، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:١٨٤] ، وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦]

وعلى سنن من هذين النصين وغيرهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الصوم لا يجب إلا على من تكاملت فيه شروط؛ وهو أن يكون مقيمًا سليمًا قادرًا على الصوم دون ضرر يلحقه أو مشقة ترهقه، أما من كان مريضًا أو مسافرًا فإنه قد أبيح له الإفطار مع وجوب القضاء عند الصحة والإقامة، كما قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} . [البقرة: ١٨٤]

وكذلك من يشق عليه الصوم لسبب لا يرجى زواله، ومنه الشيخوخة والمرض المزمن , والحمل والإرضاع المتواليان إذا خيف على الحامل والمرضع أو الرضيع، فقد أبيح لهؤلاء وأمثالهم الإفطار دون قضاء، واكتفى الشارع منهم أن يطعموا بدلًا عن كل يوم مسكينا كما قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] فالفدية لا تكون إلا بدلًا عن فائت، والإطاقة لا يعبر بها عن اليسر والسهولة، فلا يقال: فلان يطيق حمل التفاحة، وإنما يقال يطيق حمل هذه الصخرة، وإذن فهي تدل على العسر ومشقة الاحتمال. (١)

معنى المفطرات والمقصود منها:

يقال أفطر الصائم: تناول الطعام بعد صيامه، وفطَّر الصائم: جعله يفطر. (٢)

والمعنى الشرعي لها مقارب للمعنى اللغوي ولا يختلف عنه؛ لأن الذي يجرح الصوم هو كل ما يتنافى ومعنى الصيام، سواء جاء من قبل الصائم نفسه وهو المعنى المفهوم من اللفظ (أفطر) أو من قبل الغير كالإكراه ونحوه وهو المعنى المستفاد من لفظة (فطَّر) بالتشديد.

والفقهاء بينوا أن كل ما يتنافى ومعنى الصيام مفسد للصوم، وذلك يرجع الحالات الآتية:

أ- تناول الطعام والشراب عمدًا والقيء عمدًا والحيض والنفاس والاستمناء والجماع، وهذه المفسدات منها ما يوجب القضاء دون الكفارة وهي ما عدا الأخير، ومنها ما يوجب القضاء والكفارة وهو الجماع. (٣)

ومما يتعلق بإفساد الصوم الإثم إذا أُفسد بغير عذر؛ لأن إبطال الطاعة من غير عذر حرام لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} . [محمد: ٣٣] أما إذا أفسد الصوم بعذر فلا يأثم. (٤)


(١) الإسلام عقيدة وشريعة للشيخ شلتوت، ص ١١١
(٢) لسان العرب، مادة (فطر) والمعجم الوجيز مادة (فطر) و (أفطر) .
(٣) فقه السنة: ٣/ ٢٤٨؛ وموسوعة الفقه الإسلامي: ج ٢٦، مادة (صوم) .
(٤) بدائع الصنائع: ٤/ ١٠١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>