للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأعذار المسقطة للإثم والمؤاخذة فهي:

أ- المرض:

وحدُّوه بأنه كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة. (١)

وقال في بدائع الصنائع: هو الذي يخاف أن يزداد بالصوم. (٢)

وذكر عن الكرخي: أن المرض الذي يبيح الإفطار هو ما يخاف منه الموت أو زيادة العلة، كائنًا ما كانت العلة. وذكر عن أبي حنيفة أنه إن كان بحال يباح له أداء صلاة الفرض قاعدًا فلا بأس بأنه يفطر. (٣)

وقال الكاساني: " والمبيح المطلق بل الموجب هو الذي يخاف منه الهلاك؛ لأن فيه إلقاء النفس إلى التهلكة، لا لإقامة حق الله تعالى وهو الوجوب، والوجوب لا يبقى في هذه الحالة وأنه حرام، فكان الإفطار مباحًا بل واجبا ". (٤)

ونقل القرافي آراء طائفة من العلماء في بيان حد المرض المبيح للفطر، فنقل عن ابن سيرين قوله: متى حصل الإنسان في حال يستحق بها اسم المرض صح الفطر، قياسًا على المسافر لعلة السفر، وإن لم تدع إلى الفطر ضرورة. (٥)

قال طريف بن تمام العطاردي: دخلت على محمد بن سيرين في رمضان وهو يأكل، فلما فرغ قال: إنه وجعت أصبعي هذه.

وقال جمهور من العلماء: إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده صح له الفطر، قال ابن عطية: وهذا مذهب حذاق أصحاب مالك وبه يناظرون. (٦)

وقال: وأما لفظ مالك: فهو المرض الذي يشق على المرء ويبلغ به. وقال ابن خويز منداد: واختلفت الرواية عن مالك في المرض المبيح للفطر، فقال مرة: هو خوف التلف في الصيام. وقال مرة: شدة المرض والزيادة فيه والمشقة الفادحة. وهذا صحيح مذهبه وهو مقتضى الظاهر، لأنه لم يخص مرضًا من مرض، فهو مباح في كل مرض إلا ما خصه الدليل من الصداع والحمى والمرض اليسير الذي لا كلفة معه في الصيام.

وبعد أن سرد أقوال طائفة من العلماء قال: قلت: قول ابن سيرين أعدل شيء في هذا الباب إن شاء الله تعالى.


(١) المصباح المنير مادة (مرض)
(٢) ٢/ ١٠١٧
(٣) بدائع الصنائع ٢/ ١٠١٧
(٤) بدائع الصنائع: ٢/ ١٠١٧
(٥) الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٢٧٦
(٦) الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٢٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>