للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإغماء وزوال العقل وأثرهما على الصوم:

الإغماء في اللغة فقد الحس والحركة لعارض (١) , وأغمي عليه عرض له ما أفقده الحس والحركة فهو مغمى عليه، ومن زال عقله بسبب غير محرم كمن جن أو أغمي عليه أو زال عقله بمرض أو بشرب دواء لحاجة أو أكره على شرب مسكر فزال عقله ففي هذه الحالات لا يلزمه الصوم، ونقل النووي عن المزني أنه يصح صوم المغمى عليه وإن كان لا يلزمه الصوم على القول الأخير أيضا لأنه غير مكلف. (٢) . واختلفوا في وجوب القضاء عليه.

قال النووي: يجب القضاء على المغمى عليه سواء استغرق جميع رمضان أو بعضه.

قال: وحكى الأصحاب وجهًا عن ابن سريج أن الإغماء المستغرق لجميع رمضان لا قضاء فيه كالجنون، وكما لا يجب عليه قضاء الصلاة، قال: هكذا نقل الجمهور عن ابن سريج، ونقل البغوي عنه أنه إذا استغرق الإغماء رمضان أو يوما منه لا قضاء عليه. قال: واختار صاحب الحاوي قول ابن سريج هذا في أنه لا قضاء على المغمى عليه، ثم قال: والمذهب وجوب القضاء عليه. (٣)

ثم قال: ومن زال عقله بمرض أو بشرب دواء لحاجة أو بعذر لزمه

قضاء الصوم دون الصلاة، كالمغمى عليه.

وأخيرًا التخدير وإجراء العمليات وأثرهما على الصوم:

التخدير في الطب عملية إفقاد الإحساس بالألم (٤) ,عن طريق الحقن، وقد سبق أن بينا مذاهب العلماء في الحقن على اختلافها، وأنها على رأي المتأخرين من محققي العلماء أنها لا تفطر، فينقاس عليها حقن التخدير، ومن ثم فإن العمليات التي لا يحتاج صاحبها إلى تناول الطعام المعتاد بالطرق الاعتيادية طيلة النهار فإن صومه صحيح، وهو رأي المزني، ولا قضاء عليه وهو مذهب ابن سريج وصاحب الحاوي الإمام أبي الحسن الماوردي، وقال النووي:

" قال أصحابنا يجوز شرب الدواء المزيل للعقل للحاجة، وقال: ولو احتيج في قطع يده المتآكلة إلى تعاطي ما يزيل عقله فوجهان: أصحهما جوازه، وقال: وإذا زال عقله والحالة هذه لم يلزمه قضاء الصلوات بعد الإفاقة لأنه زال بسبب غير محرم ". (٥)

أما صحة الصوم وقضاؤه فقد سبق بيانه وذكرنا مذاهب العلماء في صحة صومه وحكم القضاء، وأن الأصل الذي ينقاس عليه هو الإغماء , وقد بينا حكم صوم المريض قبل هذا في أول البحث وفي أثنائه، فلا نعيد القول فيه.


(١) الوسيط مادة (غم)
(٢) المجموع: ٦/ ٢٥٤؛ والمجموع أيضا: ٣/ ٦، ٧
(٣) المجموع ٦/ ٢٥٥
(٤) المعجم الوجيز مادة (خدر)
(٥) المجموع: ٣/ ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>