قال:" الحقنة مطلقا سواء أكانت للتغذية أم لغيرها، وسواء أكانت في العروق أم تحت الجلد فإنها وإن وصلت إلى الجوف، فإنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد ".
وقد سبقهما إلى هذا الرأي ابن تيمية، حيث قال فيما نقله عنه الشيخ سيد سابق في كتابه فقه السنة: أما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة فهذا مما تنازع فيه أهل العلم، فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، ومنهم من فطر بالجميع لا بالكحل، ومنهم من فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من لا يفطر بالكحل ولا بالتقطر، ويفطر بما سوى ذلك.
ثم قال مرجحًا الرأي الأول: والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين الإسلام، الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام.
فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا حديثا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلًا، علم أنه لم يذكر شيئًا من ذلك - إلى أن قال: - وكذلك الحقنة لا تغذي بل تستفرغ ما في البدن، كما لو شم شيئًا من المسهلات أو فزع فزعًا أوجب استطلاق جوفه، وهي لا تصل إلى المعدة.
والدواء الذي يصل إلى المعدة في مداواة الجائفة والمأمومة لا يشبه ما يصل إليها من غذائه.
إلى أن قال: فالصائم نهي عن الأكل والشرب؛ لأن ذلك سبب التقوى , فترك الأكل والشرب الذي يولد الدم الكثير الذي يجري فيه الشيطان إنما يتولد من الغذاء لا عن حقنة ولا كحل، ولا ما يقطر في الذكر ولا ما يداوى به المأمومة والجائفة. اهـ (١)