للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خالف ابن حزم والإمام ابن تيمية جمهور الفقهاء في موضوع وصول الدواء إلى الجوف (الجهاز الهضمي) واعتبروا أن الحقنة الشرجية والدخان - لم يكن في زمانهم دخان التمباك المعروف اليوم، والذي يتعاطى على هيئة سجائر أو شيشة أو غيرها- ليس من المفطرات.

وإليك نص ما جاء في (المحلى) لابن حزم حول هذه النقطة وغيرها من النقاط المتعلقة بها:

مذهب ابن حزم:

قال ابن حزم في المحلى (١) " ولا ينقض الصوم حجامة ولا احتلام ولا استمناء ولا مباشرة الرجل امرأته أو أمته المباحة له فيما دون الفرج، تعمد الإمناء أم لم يمن، أمذى أم لم يمذ، ولا قبلة كذلك فيهما، ولا قيء غالب، ولا قلس خارج من الحلق ما لم يتعمد رده بعد حصوله في فمه وقدرته على رميه، ولا دم خارج من الأسنان أو الجوف ما لم يتعمد بلعه، ولا حقنة -المقصود الشرجية -، ولا سعوط ولا تقطير في أذن، أو في إحليل أو في أنف، ولا استنشاق، وإن بلغ الحلق، ولا مضمضة دخلت الحلق من غير تعمد، ولا كحل وإن بلغ إلى الحلق نهارًا أو ليلًا، بعقاقير أو بغيرها، ولا غبار طحن أو غربلة دقيق، أو حناء، أو غير ذلك، أو عطر، أو حنظل، أو أي شيء كان، ولا ذباب دخل الحلق بغلبة، ولا من رفع رأسه فوقع في حلقه نقطة ماء بغير تعمد لذلك منه، ولا مضغ زفت ولا مصطكى أو علك.

ولا من تعمد أن يصبح جنبًا ما لم يترك الصلاة، ولا من تسحر أو وطئ وهو يظن أنه ليل فإذا بالفجر قد طلع، ولا من أفطر بأكل أو وطئ، ويظن أن الشمس قد غربت فإذا بها لم تغرب، ولا من أكل أو شرب أو وطئ ناسيًا أنه صائم، وكذلك من عصى ناسيًا لصومه، ولا سواك برطب أو يابس، ولا مضغ الطعام أو ذوقه، ما لم يتعمد بلعه، ولا مداواة جائفة أو مأمومة بما يؤكل أو يشرب أو بغير ذلك، ولا طعام وجد بين الأسنان أي وقت من النهار وجد، إذا رمى، ولا من أكره على ما ينقض الصوم، ولا دخول حمام، ولا تغطيس في ماء، ولا دهن شارب ".

أما الحجامة قال أبو محمد (وهو ابن حزم) : " صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق ثوبان، وشداد بن أوس، ومعقل بن سنان وأبي هريرة ورافع بن خديج وغيرهم أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) ، فوجب الأخذ به إلا أن يصح نسخه ".

ويرى ابن حزم أن المعصية تسبب الإفطار وتفسد الصيام، بينما يرى أصحاب المذاهب الإسلامية وجمهور الفقهاء أن المعصية لا تفسد الصيام ولا تسبب الإفطار، وإن كانت تذهب بأجر الصيام كله.

وخالف ابن حزم الفقهاء في الاستمناء ومباشرة الرجل امرأته أو أمته المباحة له فيما دون الفرج ولو تعمد الإمناء، فهو يرى أن ذلك كله لا ينقض الصوم ولا يفسده, والفقهاء مجمعون على أن تعمد الإمناء بالمباشرة دون الفرج سبب لإفساد الصيام, وخالف الفقهاء في الاستنشاق وإن بلغ الحلق (البلعوم) متعمدا, كما خالفهم في مواضع كثيرة في باب مفسدات الصوم وغيرها من أبواب الفقه.


(١) ابن حزم: المحلى (دار الفكر الحديث) بيروت، ٦/ ٢٠٣و ٢٠٤، المسألة رقم ٧٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>