للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: إذا راقب الناس الهلال في آخر الشهر من جهة الشروق بعد طلوع الفجر وقل طلوع الشمس فرأوه رؤية فإذا شهد شهود برؤيتهم الهلال مساء ذلك اليوم فيكذبون لأن رؤيته صباحًا دليل على أنه ما زال لم يجتمع مع الشمس وما زال يدخل تحت شعاعها إذ من المعلوم أن القمر لا بد أن يختفي في آخر الشهر تحت شعاع الشمس يومين على الأقل.

ثالثًا: إذا راقب الناس الهلال في كل يوم فلم يروه مع الصحو التام ثم يدعي رؤيته واحد أو أفراد قلائل من الناس فيكذبون أيضًا لأنه لو كان موجودًا لرآه جمهور الناس.

رابعًا: إذا ادعى رؤية الهلال وانخسفت الشمس بعد ذلك بيوم أو يومين فإن هذا دليل على كذب الرؤية لأن الشمس لا يخسف بها في سنة الله إلا في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين كما دقق ذلك العلماء الفلك وحققه شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه في رسالته في الجزء ٢٥ صحيفة ١٨٤ – ١٨٥ من الفتاوى.

وهكذا تكذب كل شهادة في رؤية الهلال إذا كانت في وقت مستحيلة رؤيته فيه، والغريب أنه لم يقع اعتبار كل هذه الضوابط التي يقرها العقل السليم ولم تعتبر من القوادح في الشهادة بل اكتفي في هذا الزمان بشهادة الشهود وقبلت ولو من واحد عند الإعلان عن الشهر القمري في بلدان العلام الإسلامي في هذه السنوات الأخيرة، وفي نظري كان هذا الإجراء من الأسباب التي زادت في تباين المسلمين في بداية الشهور والأعياد، فالرؤية البصرية في نظري لا يمكن أن تكون أكثر من وسيلة من وسائل العلم، والله عندما قال {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فإنما أراد العلم بوجوده، فكل من علم منكم بوجود الشهر وجب عليه صومه ووجود الشهر شرعًا يكون بوجود هلاله بعد غروب الشمس بأي طريق من طرق العلم وإنما نص الشارع على الرؤية باعتبارها إحدى وسائل العلم بوجود الهلال.

ولعل ما قدمه علماء الدين والفلك في هذا المجمع المبارك من البحوث القيمة يمكن أن يمثل البداية للخروج من الخلاف، وقد أصبحت مسألة توحيد بداية الشهور القمرية بعد كل هذه الجهود واضحة تتطلب أخذ قرار حازم من مجمعكم يأخذ كل هذه الملاحظات بعين الاعتبار حتى يبعد الأمة الإسلامية عن البلبلة التي وقعت فيها منذ سنوات ويوضح لها معالم الطريق حتى تسير في السبيل السوي، والله الهادي إلى سواء السبيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>