للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأي مانع يمنعنا في هذا الزمان الذي كثر فيه الغش وفقدت فيه الأمانة وظهرت شهادة الزور في كل ما كان من اشترط شروطًا من شأنها أن تحفظ سلامة هذه الشهادة التي يصوم عليها مليار من المسلمين في جميع بقاع الأرض ويحتفلون بموجبها في أعيادهم ومواسمهم فإذا اكتفى الرسول صلى الله عليه وسلم في زمن البعثة بتزكية الشاهد بالنطق بالشهادتين بين يديه ثم اشترطت العدالة، وقال مالك لا بد من شهادة عدلين فإن مثل هذه التزكية لا تكفي في هذا الزمان الذي كثر فيه من ينطق بالشهادتين ثم يخون ويغدر.

واعتقادي أن التمسك بمذهب أبي حنيفة وحده في هذه المسالة ربما لا يكفي في هذا الزمان بل لا مانع من تنظيم كيفية إثبات الرؤية بطريقة نضمن بها صحة هذه الشهادة، ولماذا لا تتعدد هيئات الرؤية في جهات متعددة من العالم الإسلامي حتى في القطر الواحد؟ ولماذا لا ننتخب أفراد الهيئة التي يعهد إليها أمر الرؤية ما دام احتمال الكذب واحتمال خداع النظر واحتمال قلة المعرفة بأمكنة طلوع الهلال قائمًا، واعتقادي أنا ما دام احتمال الكذب واحتمال خداع النظر واحتمال قلة المعرفة بأمكنة طلوع الهلال قائمًا؟ واعتقادي أننا لا نخرج بهذه القيود الجديدة عن تبديل الأحكام التي تمثل الوسائل والتي تتبدل بتبدل الأزمان والأحوال، والأمثلة في ذلك كثيرة في الفقه الإسلامي فقد أمر الخليفة عثمان بن عفان ببيع الإبل الملتقطة بعد أن كان حكمها أن تترك لحالها حتى يلقاها ربها كما جاء في السنة، وعلل ذلك بأن المجتمع على وشك الفساد بخاف منه على سرقة هذه الإبل وكثير من العلماء من يعتمد الرؤية البصرية يعتبرون مخالفة الرؤية البصيرة لما تعارفه الناس من قواعد علم الهيئة التي لا تختلف أوجب تكذيب الشهود، ويعتبر من قوادح الشهادة.

أولًا: من ذلك إذا ثبت علميًا أن الهلال لم يولد فلا يجب أن يقال إنه شوهد لأنه لا بد من ميلاد الهلال قبل غروب الشمس ومكثه بعد الغروب لمدة تكفي لمشاهدته واعتبروا هذا النوع من الشهادة باطلًا لأنه خداع بصري أو سراب كاذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>