للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الحديث الثاني فهو قوله صلى الله عليه وسلم ((إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا..)) الحديث، فهذا الحديث قد أجاب عنه المحققون من أهل العلم وبينوا معناه، وهو على سبيل الإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم عن حال الأمة، وممن قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى وابن بطال وغيرهم من أهل العلم، ومعلوم أن بساط الحال ولسان المقال قد يحدد المعنى والغرض المراد من المقول الذي يقول كقوله صلى الله عليه وسلم وأنتم قريبوا العهد بما ذكره الشيخ مصطفى من كلام الحافظ ابن حجر ومن كلام ابن بطال، أما القياسان فأحدهما: القياس على المحبوس في المطمورة، والثاني: القياس على إثبات أوقات الصلوات الخمس بالحساب، وفي الواقع أن كل واحد من هذين القياسين لا يثبت إذا ما طبق على أركان القياس وشرائطه، لأن من شرط صحة القياس أن يكون المقيس عليه ثابتًا بنص أو متفقًا عليه وكل واحد من هذين الفرعين المقيس عليهما لم ثبت بنص وليس محل اتفاق بين أهل العلم.

ولهذا فإنه قد تتابعت كلمة العلماء المتقدمين في حكاية إجماع أهل العلم بل إن بعضهم حكى إجماع الصحابة وقال البعض: إنه لا خلاف بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم وممن حكى الإجماع ابن منذر في الإشراف وسند من المالكية والباجي وابن رشد القرطبي وشيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن حجر والسبكي والعيني وابن عابدين والشوكاني وغيرهم.

هذا فيما يتعلق في مسألة الحساب إضافة إلى أن هناك أصولًا وهو أن الشرع جعل علامة أول الشهر هو الهلال لا غير، وأن ليس لأول الشهر حد عام ظاهر سواء كما جعل أن أقل الشهر حصره في تسعة وعشرين يومًا وأكثره في ثلاثين يومًا، وأن الشهر لا يعتبر إلا بيقين، وحدد الشارع عليه الصلاة والسلام ذلك اليقين بالرؤية أو الإكمال، فالشرع أناط الحكم بأول الشهر بوجود الهلال حقيقة لا بوجوده تقديرًا عن طريق الرؤية أو الإكمال، وهذا هو على طريق الحصر كما تفيد النصوص ((لا تصوموا حتى تروا الهلال)) ، ((إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له)) .

لهذا فإن مسألة الحساب فيها إجماع قديم محكي عن أهل العلم وأن الرواية التي اتكأ عليها عدد من المتأخرين هي قوله ((فاقدروا له)) ثبت عن الراوي نفسه –هذا بيت القصيد- أنه قال: ((فاقدروا له ثلاثين)) في لفظ آخر، ولهذا فإن الروايات معروف من جادة أهل العلم بالسنة النبوية أنه يفسر بعضها بعضًا وأن لا بد من جمع الروايات ولم شتاتها لأنه بهذا تعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عرض نظرًا لأنه سبق بحثه في هذا المجمع ولأنني أعددت بحثًا موجزًا في هذا الموضوع بجزئيتيه مطروح للمناقشة على أصحاب الفضيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>