للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ وهبة الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم. أصلي وأسلم على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

مما لا شك فيه أن التكليف الشرعي منوط بالنصوص الآمرة المحددة لبدء التكليف ونهايته، وبناء على هذه القاعدة فإن الشرع الشريف لم يكلفنا بالنسبة للصيام بدءًا وانتهاء إلا بالاعتماد على الرؤية، فقال: ((صوموا لرؤيته وأفطروا رؤيته)) فالتكليف مرتبط بالرؤية ولا يعني ذلك عدم أو إهدار ما تقدمه لنا النتائج العلمية أو علم الحساب أو غير ذلك حتى لا نتهم بأننا نقل من أهمية العلوم وخصوصًا أنها أصبحت قطعية في عصرنا الحاضر، فلذلك أرجو أن نلاحظ هذا المعنى وهو ربط الحكم الشرعي بالتكليف الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا واضح في النص القرآني {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} .

فهذه عموميات لا يعارضها النص الخاص في موضوع التكليف بالصيام مرتبطًا بالرؤية التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم تحصل الرؤية فهناك أيضًا روايات يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) وليس فقط ((فاقدروا له ثلاثين)) ، ((فاكملوا عدة شعبان ثلاثين)) وهذا دليل على أن الشرع لم يكلفنا بأمور يصعب التحكم فيها أو الاطلاع عليها، ولا يعني ذلك أننا نهدر القيم العلمية النتائج التي تتوصل ليها الأرصدة سواء في الماضي وفي الحاضر ولذلك نجد الاتجاه السائد فقهًا وهو ما عبرتم عنه بشبه الإجماع أو الإجماع في أن الحكم في هذا الموضوع مرتبط بالرؤية لا بالحساب.

لكن المشكلة بعد هذا الاتجاه السائد لدى فقهائنا المشكلة في غير هذا وهي أننا أيضًا نسلم باختلاف المطالع فهذا أمر ثابت في الواقع وأهل الشام قد يرون الهلال وأهل المغرب لا يرونه وهذا استقراء ثابت في الواقع ونحن لا ننكره، والعلماء بحثوا هذه القضية واتفقوا جميعًا أيضًا اتفاقًا مضمونًا إلى التكليف بالرؤية اتفقوا على أن مبدأ اختلاف المطالع أمر مسلم به ولكن المشكلة التي نريد أن نصل إليها الآن وهي عندنا اتجاهان للفقهاء: هل إذا رئي الهلال في بلد مع التسليم باختلاف المطالع وخصوصًا أن البلاد العربية كلها يجمعها ليل واحد اثنتا عشرة ساعة ما بين المشرق والمغرب فالتي تكون على خط عرضي واحد وأما التي يجمعها ليل واحد إذا رئي فيها الهلال في بلد من البلدان فهل يجب على أهل الأقطار الأخرى أن يصوموا بناء على ثبوت الهلال مثلًا في السعودية أم لا يجب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>