للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب المعالي الدكتور عبد السلام العبادي تحدث سيادته عن المعرفة الطبية وهي غير مكتملة، ولكن نأخذ بالوضع الذي نحن فيه. نحن لا نطالب بأشياء لم يصل بعد إليها العلم، لذلك يجب العودة دائمًا وأبدًا إلى ما نصل إليه، فقد نصل اليوم إلى شيء اعتمادًا على التقدم العلمي وما وصل إليه، ثم إذا أتى العلم بخلاف ذلك رجعنا، وهو ما قاله عمر رضي الله تعالى عنه: " تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي ". وهي قاعدة شرعية أخذها عمر رضي الله عنه من أدب التشريع الذي أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

البحث عن الضابط الذي نرجع إليه ويكون هو المرجع النهائي.

ما أظن أننا وصلنا إلا في أمور قليلة جدًّا التي هي من ضروريات التشريع، فإذا خرجنا عن ذلك فالمقام مقام اجتهاد، وهذا مما انبنت الشريعة الإسلامية عليه.

فلا يمكن أن نجد ضابطًا يجعلنا نتفق جميعًا على حكم في قضية من القضايا، هذه الجزئية المتجددة، فهي ما جلى الأنظار، والإنسان عندما ينظر إلى الفقهاء وكيف خرجوا نجده تارة مترددًا، وأنا كثيرًا ما أقول لما كنت في بواكير شبابي كنت لا أرغب في رأي الواقفية، وأقول: إنهم جماعة لا يفهمون، فلما تقدمت فهمت أن الواقفية لهم حق بمعنى أنهم نظروا في كثير ووجدوا لكل شخص وجهة نظر، واستوت عندهم الأمور فتوقفوا. ولذلك لما قرأنا الأصول في أول الأمر: وقال الواقفية. بعض شيوخنا رحمة الله عليهم لم يبينوا لنا ما هو رأي الواقفية , ولماذا كانوا واقفية، ولكن الواقفية لهم رأي ولهم وجهة نظر، بمعنى أنهم نظروا في الأدلة ونظروا في المرجحات ووجدوها قد تساوت، وهكذا شأن التشريع الإسلامي. إن استمعت إلى مالكي واستمعت إلى وجهة نظره قلت: والله معه حق، وإن استمعت إلى الحنفي كذلك، وإن استمعت إلى الشافعي، وإن استمعت إلى الحنبلي، فكلهم لهم وجهة نظر بنوها على أساس معقول ومن الشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>