للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاء في كلامه أن المطلق يجب أن ينصرف إلى الفرد الكامل. {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، فإذا أراد الله تعالى بالأضاحي فعلينا أن نأخذ شاة يتحقق فيها معنى بلوغ السنة، ولم يطلب منا أن نأخذ أكبر من ذلك، وحاول بنو إسرائيل أن يأخذوا بهذا المعنى - أي بالفرد الكامل - فوقعوا في الجهد والمشقة، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لو ذبحوا أية بقرة لأجزأتهم بل طلبوا الكمال)) . فالمطلق لا ينصرف إلى الأكمل وإلى الفرد الكامل، وإنما ينصرف إلى ما تنطبق عليه الحقيقة.

عارضني الشيخ خليل في أن الرخصة ليست شخصية. يا سيدي أنا أؤمن بأن الرخصة تشريع لكل فرد حسب وضعه، وربطت ذلك بالزمان والمكان، وقد يكون الشخص ذاته في نفس حدود هو مرخص له في وقت غير مرخص له في وقت آخر؛ لأن وضعه البدني أو الجسمي أو إلى آخره هو يختلف. فالرخصة شخصية وليست تشريعًا لكل فرد من المسلمين في وقت واحد، وإنما هي تنسحب على الشخص وتطبق عليه في ظروف خاصة، وهذا ما فهمته بعد تتبعي لكلام الفقهاء ولمناط الرخصة ولمواضع الرخصة في الفقه الإسلامي.

فضيلة الشيخ علي السالوس جعل أن المهم هو اشتراط الاستقرار، وهذا رأي الحنفية، ونحن نقدر باقي المذاهب ولكن ليس معنى أن صاحب المذهب هو الحق، فإن الاستقرار في نظرنا لا يؤثر، فلو أخذ قطعة من اللحم وازدردها وربطها بخيط وجعل الخيط خارج فمه، فهذا لا يفطر عند الحنفية باعتبار أنه غير مستقر لأنه خارج منه جزء. فقوله: الاستقرار هو المهم. قلت: إن هذه وجهة نظر الحنفية واطلعت عليها ورأيتها، وإذا كنت لم أرتضها فليس معنى ذلك أن معي الحق، قد أكون على خطأ وقد يكون من قال بالاستقرار على خطأ. لكن أرى أنه بناء على هذا أنه إذا اتصل بشيء بالخارج فهو غير مفطر ولو كان طعامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>