للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى القاضي ابن العربي هذا التفسير للبيعتين في بيعة، ونسبه إلى من ذكرنا من أهل العلم، ثم عقب على ذلك بأن البيع بهذه الصورة جائز عند الإمام مالك، فقال: " فجوزه مالك تعويلًا على ما يؤول إليه الكلام، والشافعي والفقهاء أصحابه نظروا إلى أنه باعه وصرفه، ولم يكن ذلك، إنما ذكر دينارًا، ثم ذكر الدراهم، فانتفى الذهب، ورجع الأمر إلى الفضة، كما لو قال: أبيعك عبدي بعبدك على أن تعطيني في عبدك دارًا، فهذا كمن اشترى داره بعبده، وذلك جائز ". (١)

وجاء في المدونة: " قلت: أرأيت إن باع سلعة بعشرة دنانير إلى أجل على أن يأخذ بها مائة درهم، أيكون هذا البيع فاسدًا أم لا؟ قال: لا يكون فاسدًا، ولابأس بهذا عند مالك، قلت: لم؟ قال: لأن اللفظ ههنا لا ينظر إليه؛ لأن فعلهما يؤوب إلى صلاح وأمر جائز، قلت: وكيف يؤوب إلى صلاح، وهو إنما شرط الثمن عشرة دنانير يأخذ بها مائة درهم؟ قال: لأنه لا يأخذ دنانير أبدًا، إنما يأخذ دراهم، فقوله عشرة دنانير لغو ". (٢)

ثم إن أشهب من المالكية يرى جواز جمع البيع مع الصرف في عقدة واحدة مطلقا (٣)

والثامن: هو أن يسلفه دينارًا في قفيز حنطة إلى شهر، فإذا حل الأجل وطالبه بالحنطة قال: بعني القفيز الذي لك عليَّ إلى شهرين بقفيزين. فصار ذلك بيعتين في بيعة؛ لأن البيع الثاني قد دخل على الأول، فيرد إليه أوكسهما، وهو الأول، كذا في شرح السنن، لابن رسلان. (٤)


(١) عارضة الأحوذي: ٥/ ٢٤١
(٢) المدونة: ٩/ ١٢٧
(٣) البهجة شرح التحفة، للتسولي: ٢/ ٩؛ ميارة على التحفة: ١/ ٢٨٣
(٤) نيل الأوطار: ٥/ ١٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>