للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكتفت البحوث الاقتصادية المقدمة للفقهاء في الغالب بعرض

الواقع لهذا النظام، وتسليط الأضواء على الجوانب الظاهرة فيه في حدود الاقتصاد، دون تحليل داخلي أو خارجي لطبيعته، وإظهار أبعاده ونتائجه، فلم يسهم في إيجاد تصور كامل صحيح، وبالطبع لم يساعد في توحيد رأي الفقهاء، أو على الأقل رأي واحد تتبناه الأغلبية؟ إذ لا يزال الفقهاء الشرعيون في اختلاف وتباين في الرأي بين مجيز ومحرم، حسب التكييف الفقهي الذي يراه بناء على فهمه للطرح الاقتصادي الذي بين يديه، وتحت ناظريه.

إن الحل الصحيح الموفق رهين بالدراسة الموضوعية، والتحليل العلمي، والتكييف الفقهي السليم، ولا يكون هذا إلا بالتتبع والوصول إلى جذور العقد، أو العقود في أساسات هذا النظام.

إن التصور لنظام البطاقات يكتمل تماما، وتجتمع له أسباب الصحة وشروطها، ومن ثم يمكن دراسته دراسة فقهية شرعية، إذا توافرت له الدراسات القانونية في البلاد التي تأسس فيها، وتطورت لوائحه وأنظمته في مؤسساتها التشريعية والقضائية.

إن هذه الدراسة تمثل حجر الزاوية، وهي الطرف الثاني في

المعادلة، فأصحابه أدرى بمداخله ومخارجه، وأعرف بحقيقته. الدراستان: الاقتصادية والقانونية شرط أساس لاكتمال التصور الفقهي؛ إذ أن كليهما يشترك في إعطاء التصور التام الصحيح، ومن ثم يهيئان لدراسة شرعية سليمة إن شاء الله.

لا يعني العرض القانوني التسليم بمسلماته وتوجهاته، ولكنه الإسهام في صحة التصور، فقد يكون التطابق في التكييف والتصوير فيستأنس به، وليس في هذا ما يضير الفقه، أو الفقيه، حيث ينفرد الفقه الإسلامي عن غيره في المبادئ والأحكام. أن التكييف والتصوير فكر إنساني مشترك، والمهم هو الأحكام والأصول والمبادئ التي يتميز بها فكر عن فكر، وفقه عن فقه.

وضع البحث في اهتمامه الأول عرض الدراسة القانونية من مصادرها الأجنبية في البلاد التي تأسس وتطور فيها بلغته ومصطلحاته. كما لم يهمل العرض والدراسة في هذا القسم الاستعانة بالعرض الاقتصادي وتحليلاته متى استدعت الحاجة إليه، تمثل كل هذا في القسم الأول من البحث بعنوان: " الدراسة القانونية لبطاقة المعاملات المالية ". يشتمل هذا القسم على فصلين وعدة مباحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>