خامسًا: ثم إنه اقترح أن تكون العلاقة بين التاجر والبنك هي علاقة وكالة يدفع نيابة عن حامل البطاقة قيمة مشتريات حاملها، وهو غير سديد، لما ذكرنا من وجود الضمان، والوكيل لا يضمن.
سادسًا: ذكر - حفظه الله - بأن السحب المباشر من الرصيد ليس معدودًا في بطاقات الإقراض ولا يتنزل عليه حكم القرض. والواقع خلاف ذلك؛ إذ أن حاملها ربما استخدمها في ماكينة مصرف غير مصدرها، عندئذ يكون المبلغ الذي سحبه قرضًا بفائدة حتى يجري تسديده من حساب حامل البطاقة لدى البنك، وهذا ربما يستغرق أيامًا، فالقرض فيها وارد محتمل.
سابعًا: ثم إنه اعتمد في تصوره للبطاقة أن فيها قرضًا يقدمه المصرف إلى حامل البطاقة في حالات ما أسماه بطاقات الإقراض، وافترض أن استخدام حامل البطاقة بطاقته في الشراء من تاجر هو قرض يقدمه المصرف إليه. وفي هذا إشكال، ذلك أن تعريف القرض عند الفقهاء يتضمن فكرة تمليك مال مثليٍّ على أن يرد مثله، مثل قول ابن عابدين (ما يعطيه أحد الطرفين من مثليٍّ يتقاضاه) . وقوله في كشاف القناع:(دفع مال إرفاق لمن ينتفع به ويرد بدله. . .) وإلخ مما قارب هذا التعريف، وليس في البطاقة الائتمانية في استخدامها المشهور - وهو شراء السلع والخدمات - هذا المعنى، بل الواضح فيها الحوالة. ثم إنه بعد أن يشتري يحيل التاجر بالثمن على المصرف، ولا يحصل القرض إلا في حالات سحبه النقود مباشرة من آلة الصرف الآلي لتحقيق صفة القرض في المعاملة؛ ولأنه افترض دائمًا أن الائتمان قرض، فإنه ذكر في الصفحة التالية أن في البطاقة عقد إقراض بين مصدر البطاقة وحاملها، والواقع أن البطاقة لا يترتب عليها مثل ذلك إلا في حالات السحب من ماكينة الصرف الآلي، بل إن من البطاقات ما لا يستخدم خلال مدته في أي شيء، فلا يترتب عليه دين ولا قرض ولا أي شيء من ذلك. إن لسان حال مصدر البطاقة يقول للتجار: بيعوا عليه، أي على حاملها، وما كان لكم فأنا به زعيم. وهذا لا يكون قرضًا بل يكون من أنواع الضمان.
ثامنًا: وأخيرًا فإنه أغفل - حفظه الله - بيان أهمية كل نوع من البطاقات، فبطاقة السحب من الرصيد التي قال بجوازها لا تمثل في العالم إلا نحو ١٨ % من جملة البطاقات، وما نحن بصدده وما يحتاج منا إلى إيجاد البديل والنظر في أحكامه هو البطاقة الائتمانية التي تخول حاملها الشراء ثم التسديد بعد أجل.
هذا ما تيسر تحريره، والله سبحانه وتعالى يحفظكم جميعًا.