للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا أريد أن أشير إلى أن هذه الجوانب القانونية والاقتصادية التي أوردها وعُنِيَ بها أيما عناية، حتى إن من ينظر في مبادئ البحث يحسب أن هذا البحث مقدم إلى جهة متخصصة في هذا المجال، وهذا يعني مما يمدح فيه هذا البحث، لكن لم يشر إلى مدى المرونة في مراعاة المتطلبات الفنية، فهناك مدونة استفادت منها البنوك الإسلامية في تجاربها المتعددة، وكان هناك مفاوضات ومراجعات بين البنوك الإسلامية وبين المؤسسات الراعية للبطاقات، وقد تم تذليل كثير من الصعوبات وخضد كثير من الأشواك، وهذا عاصرته في تجربة بيت التمويل التي تعتبر من التجارب المبكرة، وقد أشار إليها الدكتور وتجارب أخرى.

أيضًا إن بطاقات الائتمان من خلال الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية قد حظيت بطرح كبير في مجال التكييفات الشرعية التي كانت نتاج اللقاءات بين الفنيين في البنوك الإسلامية والمتخصصين بعضهم في مجال البطاقات وبين الشرعيين من خلال تقديم التصورات الدقيقة في هذا المجال.

أعود إلى البحث فأعقب على النقطة التي أشار إليها الدكتور القري وهي موضوع التسمية؛ إن الخطورة التي تخوف منها الدكتور في تسمية هذه الصيغة أو هذا الأسلوب بطاقات الائتمان إنما تحدث إذا كانت تغير النظرة إلى ذات الموضوع، ولكن إذا كانت هذه التسمية متداولة والكل يعلم أن بطاقات الائتمان متعددة، وأنها ذات طبائع مختلفة، فهذه التسميات لا تضر، وكيف تضر هذه التسمية ونحن في معرض الاصطلاحات، القاعدة المقررة أنه لا مشاحة في الاصطلاح، وهذه الاصطلاحات إنما تؤخذ من الفنيين الذين يتواضعون ويتواطؤون على تسميات معينة يتفاهمون بها، ولا تؤخذ من كتب اللغة فكتب اللغة لا تُعْنَى بالمصطلحات، وإنما للمصطلحات كتب أخرى تهتم بها.

الجانب القانوني الذي أولاه الدكتور كثيرًا من العناية إنما يحتاج إليه في مجال التنازع، فإذا حصل نزاع بين حامل البطاقة ومصدرها حينئذ نرجع إلى تلك القوانين، والبنوك الإسلامية قد احتاطت أيما احتياط في بطاقة الائتمان التي أصدرتها؛ حيث قيدت أي رجوع إلى قانون وضعي بأن لا يتعارض مع مقتضى الشريعة الإسلامية. ثم إن الاتفاقيات التي تعتمد بين أطراف البطاقة والعلاقات المنظمة بها تقدم على القوانين، فالكل يعلم أن الخاص يقدم على العام، وأن العقد في النظرة القانونية شريعة المتعاقدين، وأن المسلمين عند شروطهم إلا ما أحل حرامًا أو حرّم حلالًا، وهذا أمر معترف به في التقنين، فللعاقدَيْن أن يتفقا على ما يشاءان، على أن لا يخالفا النظام العام، وهذا ليس فيه مخالفة للنظام العام.

<<  <  ج: ص:  >  >>