للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحقيقة أنه مجهود يستحق التقدير والتنويه للبحث عن أوجه الدليل وحسن استخدامه بطرق أضفى عليها سحر البيان كثيرًا من الأهمية، وعند حكمه بأن تلك الورقة تشتمل على معايير تجعلها ترتبط بعدة عقود مثل القرض والسلم والضمان والوكالة اتضح بتبريراته أن تلك العقود ترتبط بها تلك البطاقات شكلًا ولا أقول جوهرًا، فترتبط بتلك العقود التي قارنها الدكتور الجليل، ولكن فيما يرجع إلى تنزيلها منزلة القرض في الصفحة ٦٧ ففيه مفارقات حسب نظري، فالهدف من القرض في الشريعة الإسلامية هو ثواب الآخرة، وإلى ذلك أشار الحديث الشريف الذي رواه مسلم عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يقرض مسلمًا مرتين إلا كان كصدقة)) ، وهذا عكس ما تهدف إليه البنوك من وراء إصدار البطائق، إذ هدفها هو الربح عن طريق الفائدة، وإن التعريف الذي أعطاه الدكتور العالم أبو سليمان للقرض وضّح بكل تفصيل هذه المقارنة.

إذن فما دام القرض عملًا من أعمال البر، لا يرجو من قدمه لمن احتاجه سوى ثواب الآخرة فكيف تنزل تلك الأوراق على عموم صورها منزلته؟ فهي يشترط فيها استرجاع المبالغ التي أخذت بواسطتها بفائدة وحسب شروط إذعانية ليس لحاملها بد من قبولها، ثم إن الطرق التي تمت بها جميع الإجراءات التي أعدت بها تخالف صور القرض التي نظمتها أحكام الفقه الإسلامي، فهي أعدت أساسًا لجني الربح بواسطة الفائدة، بينما القرض سن التعامل به لنفع المحتاج بطرق تضمن لرب المال ماله بدون زيادة.

إن تلك البطائق تصدرها المؤسسات البنكية بهدف الربح من الفائدة التي تجعلها على الحسابات المؤداة بتلك البطائق، وخصوصًا على الذين لا يتوفرون على ودائع، فهي تضم صورًا من البيع وأخرى من القرض وبعضًا من تطبيقات السلم، فإن ما تضمنته من صور القرض يجر في الغالب نفعًا للمقرض، وعلى تلك الصور نص المغني على حرمتها، فقال: " والبيع مع السلف أن يبيع منه شيئًا ليقرضه أو ليؤجله بالثمن ليعطيه في ذلك ربحًا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>