فإذن التاجر في الواقع الآن تحول حقه من ذمة العميل إلى ذمة مصدر البطاقة تحولًا كاملًا وبرئت ذمة العميل، بعد هذا، نستطيع أن نقول إن العلاقة بينهما علاقة حوالة، ولا يأتينا أو يرد علينا بأن الحوالة يشترط أن تكون على دين مستقر، نعم قال بذلك مجموعة أهل العلم، ولكن هناك مجموعة من أهل العلم آخرون قالوا بأنه لا بأس أن تكون الحوالة على دين مستقر، أو على غير دين، إذا قبلها المحال عليه.
في الواقع، أنا أجد، بأن هذه العلاقة بين التاجر وبين مصدر البطاقة فيها تجاوز وفيها جرثومة، لا بد أن نفطن لها، ما هي هذه الجرثومة أو هذا الشيء؟ هو في الواقع أن الحق حينما يتحول، من التاجر إلى ذمة مصدر البطاقة، مصدر البطاقة لا يعطيه كامل المبلغ، قيمة البضاعة التي أخذها حامل البطاقة مائة ألف، يقول: أنا لا أعطيك إلا سبعة وتسعين ألفًا، ثلاثة آلاف أين ذهبت؟ هي في الواقع إذا أردنا أن نكيفها كيفناها؛ لأن الدين الآن استقر في ذمة مصدر البطاقة، فكيف إذن نكيف هذا المبلغ الذي أخذه مصدر البطاقة الذي هو ثلاثة آلاف ويريد أن يتقاسمه بينه وبين المنظمة العالمية، هذا في الواقع لا نستطيع أن نجد له أكثر من تكييف أو أكثر من تخريج وهو أنه مصارفة، فقد تمَّت المصارفة بين التاجر وبين مصدر البطاقة على أن تكون المصارفة المائة بسبعة وتسعين، ولا يخفى أن هذه المصارفة باطلة؛ لأن المصارفة من شأنها ومن شروطها أن تكون مِثْلًا بِمِثْل في حال اتحاد الجنس، وقد اتحد الجنس ولم يكن الأمر بالنسبة لذلك مِثْلًا بمثل، فإذن كيف نقول بأن هذه مباحة؟ هل المبلغ الذي أخذه في أثناء هذه العملية مصارفة أو عملية باطل بإجماع أهل العلم؟
لا شك ولا أعرف أن أحدًا من أهل العلم أجاز المصارفة إذا كانت من جنس واحد بتفاضل، وإنما الأمر في ذلك كما قال صلى الله عليه وسلم:((الذهب بالذهب. . .)) إلخ، وقال صلى الله عليه وسلم:((مثلًا بمثل، يدًا بيد، سواء بسواء، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، والآخذ والمعطي فيه سواء)) ، هذه في الواقع تعتبر من الأمور التي يجب علينا أن تكون في اعتبارنا، وأن نستبعد ما يقال بأن لدينا وكالة، لدينا ضمان، ليس لدينا في العلاقة بين العميل وبين التاجر، وبين التاجر ومصدر البطاقة: ليس لدينا غير حوالة، وحوالة أبرأت ذمة العميل. هذه واحدة، أرى - حفظكم الله - عندي بديل، نحن في الواقع نتحدث ونفخر بأننا - والحمد لله - مسلمون، وأن إسلامنا لا يَسُدُّ بابًا إلا ويفتح بابًا أطيب منه وأوسع، ونحن لا نقول بناء على وجود هذا الشيء فنقول بأن البطاقات باطلة، ولا يجوز التعامل بها، ونقول هذه النقطة نستطيع أن نعالجها معالجة من شأنها أن يبتعد فيها عنصر البطلان وأن تتفق مع المعطيات الشرعية.