للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتبعه في بيئته فتعرف عليه وعرَّفه، ووصفه وكيف تصوره وصوره، ليحكم والحكم على الشيء فرع عن تصوره، ساعد في تحقيق المناط لإبراز الوقائع، وتحقيق المناط هو تطبيق الحكم على الواقع، ولا ينقطع الاجتهاد فيه أبدًا.

لعل كثافة هذا البحث وتدفق التعريفات وتصاريف وجوه العقود وتفاريقها ومحاولة تصنيفها تجعلها تشتبه في عين المطالع أو على الأقل تشتبه في عيني، وبخاصة عندما تندك على حياض المذهب تعريفات مختلفة في وقت واحد.

ولهذا فإن عقدة هذا العقد كانت العلاقة الغامضة بين أطراف هذا العقد بدءًا بمصدر البطاقة هل هو مجرد جهة تصدر بطاقة ضمان تتعهد بمقتضاه أن تسدد، قد ظهر من خلال أقوال القائلين بأنه ليس من باب عقد الضمان لأن الضمان هو التزام بأداء الدين، وهذا الالتزام تنشغل فيه ذمة أخرى، أو كما يقول ابن عرفة: هو الحمالة بالتزام دين لا يسقط.

إن الأمر هنا يتعلق بالالتزام، من جهة أخرى هو التزام سابق؛ لأن القرض قد تم بالقول على الطريقة التي عرضها الدكتور عبد الوهاب؛ لأنه وقع إقراض بالقول، والإقراض بالقول يجوز على المعتمد من مذهب مالك. ولقد استهوتني فكرة الحوالة. فإن حامل البطاقة إذا كان يملك وديعة في البنك المصدر، وهذا البنك يتصرف في هذه الوديعة، فهذا التصرف يعتبر اقتراضًا كما هي عبارة الإمام ناصر اللقاني: " إن اتجر في الوديعة يصيرها سلفًا ". لكن عند التأمل إن اتجر في الوديعة يصيرها سلفًا، إذن من هو المقرض في هذه الحالة؟ المقرض في هذه الحالة هو المتلقي، هو حامل البطاقة هو المقرض الذي أقرض البنك، وهنا قد أقرض البنك من أجل قرضٍ جَرَّ نفعًا، لأنه يستفيد من هذا القرض ضمانًا، وهذا واضح جدًّا إذا اعتبرنا هذه الوديعة التي هي تحت تصرف البنك قرضًا وهي كذلك، لأن البنك يتصرف فيها فهو المقترض هنا مقرض، المقرض الأول هو حامل البطاقة. إذن الأدوار التي يقوم بها تقوم بها مجموعة؛ مصدر البطاقة وحامل البطاقة والمتجر أو الطرف الثالث.

هي أدوار ما زالت بالنسبة لي على الأقل ليست واضحة رغمًا من التوضيحات القيمة والجيدة - أعترف بذلك - التي قرأتها في هذا البحث. فالمودع مقرض وقرضٌ جرَّ نفعًا لأنه يستفيد من الضمان، والبنك هو المقترض وهل يمكن اعتبار كل منهما مقرضًا للآخر مع وجود مقاصة مؤخرة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>