إن الاستنساخ في عالم النبات قد فتح أبوابًا للعلماء للتحصيل على الفسائل بأقصر طريق وبأقل ثمن، مع الاطمئنان على نوعية الأثمار وخصائص الشجرة التي ستكون كالأصل المأخوذة منه في قوتها ومقاومتها للأمراض ووفرة عطائها ومذاقها، وفي هذا الميدان فإن الأمر الهام هو تكوين المختصين في البحث وتمويل المخابر العلمية، وحفز الهمم للمضي قدمًا في هذه السبيل، فصيحات الفزع من الانفجار السكاني العالمي والخوف من المجاعات ومن اختلال التوازن بين عطاء الأرض والأفواه قد تصبح رؤى أحلام تبددها خصوبة يقظة العلم تحقيقًا للإرادة الإلهية، ولإذنه السامي في تسخير الأرض للإنسان في حياته الدنيا.
الاستنساخ الحيواني في دائرة العلاج:
لما ظهرت صورة الفاتنة دولي ثار سيل عارم من الأسئلة:
السؤال الأول: هل يعتبر هذا العمل تحديًا للقدرة الإلهية؟ هل أصبح الإنسان خالقًا خَلَقَ خلقًا كخلقِ الله؟ هذه القضية التي تحدى بها القرآن الذين اتخذوا آلهة من دون الله {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}[الرعد: ١٦]
فالقرآن يؤكد في غير ما آية على هذه الحقيقة التي هي عجز كل مخلوق أن يقدر على الخلق، وها هو الإنسان قد وصل إلى الخلق!
إنّ تَصوّر ما قام به هؤلاء العلماء أنه خلق هو تصور خاطئ ينبئ عن سذاجة من توهمه , ذلك أن غاية ما قاموا به أنهم درسوا قوانين الخلق الإلهي ووعوها وقاموا بتطبيق ما علموا على ما عملوا، فهم لم يوجدوا خلية ولا نواة ولا كروموزومًا، وليس لهم أي تحكم في قسر الخلية على الانقسام والتكاثر لمجرد الإرادة والتسلط، فهي سلسلة متتابعة في التوالد عرفوا كيف يدخلون عليها عوامل من خلق الله ليحدث ما يحدثه الله أرادوه أو لم يريدوه.
والذي يرفع كل ريبة أن الله أرى العالمين أن خلق الإنسان من الذكر والأنثى هو سنة في الطبيعة ذاتها يصل إليها الإنسان بالبحث. فالأجسام مثلًا تنجذب إلى الأرض هذه هي السُّنَّة، ومع هذه السنة المدركة مظاهرها إدراكًا عامًا هناك سنن تمكن الإنسان بذكائه أن يخرج هو، وأن يخرج آلاته من منطقة الجاذبية. والله خلق نسل الحيوان من الذكر والأنثى حسب التكاثر الذي يجري عليه أمر بقاء الفصائل الحيوانية، ويصل الإنسان بعلمه إلى تحويل هذه السنة الكونية، وكما قال عمر:" بل خرجنا من قدر الله إلى قدر الله ".