السؤال الثاني: لماذا هذا المجهود ولم تصرف هذه الطاقات البشرية؟ أليس هذا عبثًا؟! فإذا كان كل نوع من أنواع الحيوان يتكاثر بالطريقة التي طبع الله عليها الكون , فلماذا هذا العبث والجهود المهدرة وزعزعة المسار المألوف والوافي بحاجات البشرية؟
إن الذي قام به العلماء ليس القصد منه العبث بالخلق، إن الأمر جدٌّ، وإن العلم قد ارتبط بالاقتصاد، وإنه إذا كانت الحضارة التي كتبت لها اليوم أن تنفرد بسيادة العالم، أعني الحضارة الرأسمالية الغربية، فإن كل مظاهر النشاط العلمي والثقافي والاجتماعي هي مطبوعة بطابع هذه الحضارة وموجهة في الطريق الذي ينسجم معها، في القانون الذي هو القطب والمعيار:(دعه يعمل) الحرية.
ولذلك لا نفهم القصد من هذا العمل إلا إذا نظرنا إليه من زاوية الربح المادي المترتب عن ذلك، إن هذه الحيوانات التي أمكن للعلماء أن يتدخلوا في خليتها الأولى بإبرهم المكروسكوبية قد تمكنوا حتى قبل هذه التجربة من أن يضموا إلى الكروموزومات جين إحدى البروتينات الصالحة لمعالجة بعض الأمراض، وأعطت هذه الحيوانات في ألبانها كمية كبيرة من هذه البروتينات وصلت إلى خمسين نوعًا في سوق الدواء كلها مستخلصة من ألبان النعاج والمعز والخنزيرات، وفي الأخير الأبقار، ولهذا صور بعضهم هذه الطريقة بأنها منجم لا ينضب لاستخلاص ما ينفع الإنسان ويداوي أسقامه، وسوف تفتح هذه التجربة الناجحة بواسطة الاستنساخ آفاقًا أرحب.
يقول الدكتور مارتين بيريز Martin perez بعد أن عدد أنواعًا جديدة من البروتينات العلاجية التي بصدد التجربة والتي سيكون لها دور كبير في علاج بعض الأمراض، يقول: إن اكتشاف هذه الأدوية الرائعة لا تعود إلى المصادفة، بل إن الباحثين قد استطاعوا أن يعزلوا الجين البشري الذي لبرنامجه تأثير في التعرض لمرض معين، وصنعوه في أنبوب ثم لحموه بجين بروتين لبن الثدييات، فوصلوا بذلك إلى تصنيع جين قادر أن ينتج مع بروتين اللبن، بروتينًا علاجيًا مرغوبًا فيه.