إن استمرار الحياة البشرية قد تم في تاريخ الكون بطريقة واحدة، أن تلقح بييضة الأنثى بالحيوان المنوي داخل الرحم فتنشأ الخلية الأولى التي حسب قوانين الخلق حتى تبلغ إنسانًا سويًّا قادرًا على التأقلم مع الأرض ومحيطها، ولم يشذ عن سنة الخلق هذه إلا آدم عليه السلام، فقد خلق بأمر التكوين من غير أب ولا أم، وحواء زوجه التي خلقت كأول أنثى من آدم، وعيسى عليه السلام الذي ولدته أمه وليس له أب , إعلان من القدرة الإلهية للإنسان بأن التوالد على سنة الاتصال الجنسي ليس أمرًا يقضي به العقل، ولكنه أمر نظّم عليه الكون، مما يعبر عنه بالقوانين الطبيعية، والقوانين الطبيعية تُخْرَق، أما القوانين العقلية فهي ثابتة مستمرة لا يلحقها خلل ولا استثناء متى كانت صحيحة.
ومنذ القرن الماضي أخذ الطب يتدخل في الإنجاب؛ ففي سنة ١٨٨٤ تم في أمريكا الشمالية حقن كمية من المني داخل الرحم لستر عدم خصوبة الزوج، وتبقى هذه الطريقة محاطة بالسرية الكاملة، فلا يعرف المانح أين ذهب ماؤه، ولا تعرف المرأة صاحب المني، ولما تمكن العلماء من تجميد اللقاح تيسر انتشار هذه الطريقة في الخمسينات، وهذا محرم في نظر الإسلام، واختلاط الأنساب فيه واضح.
وفي سنة ١٩٧٨ تطورت التقنيات فتمت ولادة لويز بروان، بتخصيب ببيضة أمها باللقاح خارج الرحم in- vitro في بريطانيا، واستمرت هذه التقنيات في حالات كسل الحيوانات المنوية أو قلتها أو في حالة انسداد قناة فالوب موعد اللقاء والاندماج بين البييضة واللقاح.
وفي سنة ١٩٨٣ وصلت التقنيات لتجميد اللقائح، الأمر الذي يمكن من الاحتفاظ بها لمدد طويلة، فاتسعت دائرة استخدام طريقة الحمل بواسطة زرع هذه اللقائح في الرحم بعد تحريكها من جديد لتبدو الحياة الكامنة فيها. وفي سنة ١٩٩٣ تمت أول محاولة للاستنساخ البشري في الولايات المتحدة الأمريكية على الطريقة التوأمية وتم الإعلان عنها في مؤتمر الخصوبة الأمريكية بمدينة مونريال.
وأعلن العالمان اللذان قاما بها أنهما عزما من أول الأمر على أن تكون تجربتهما تقف عند حد محدود ولا تنتهي إلى غاية المدى الذي تصل فيه اللقيحة إلى إنسان مكتمل الخلق، ذلك أنهما خصبا البييضة بأكثر من حيوان منوي، فأصبحت بذلك محكومًا عليها سلفًا بالتوقف عن الانقسام وبالموت. واعتبر المؤتمرون تجربتهما أفضل ما قدم في المؤتمر لما اعتمدته من تقنيات دقيقة ومضبوطة أدت إلى عزل خلية عن أختها مع الحفاظ على كل مقومات الحياة لها للاستمرار لو لم تخصب قصدا بأكثر من واحد، وتحصلا بذلك على جائزة أهم بحث في المؤتمر.